نظرت الشجرة المزهرة من عليائها إلى الحجر الراسخ منذ الأزل وقالت له متعجرفة :
” أنت قابع ها هنا منذ القدم، وأنا أعانق النسيم وأزداد طولاً، حتى أن قاطفي أزهاري يقفون على رأسك كي يقطفوها”.
رفع الحجر العتيق رأسه متأملاً ثم ابتسم في سخرية وعاود هدوءه الأزلي وتطلعه فيما حوله.
لمح من بعيد الشمس تداعبه بأشعتها الدافئة ثم تبتسم وهي تقول :
لا تحزن، فهي تتجاهل أن الماء الذي يرويها ينبثق من تحتك، والزمن يمر من فوقك وأنت باق، أما هي فقد نمت بسرعة وسيأتي اليوم الذي تفنى فيه.
نظرت الشجرة المزهرة إلى ربة النور وهي تضحك.
انتبهوا جميعا بعد سماعهم ضجيجاً في المكان، ضِباعاً مختلفة الأشكال قادمة من اتجاه الغرب، و تعبث في كل شيء وهم يتقدمون.
قالت الشجرة للحجر وهي تنظر إلى الشمس في سخرية :
اُنظر ها قد جاء قاطفو أزهاري وسيطأون رأسك.
بعد قليل جاء من الشرق فتيان كثيرون، عيونهم جمرات، وخطواتهم راسخة، آخذون في الاقتراب.
تهلل وجه الحجر وهو يرى الفتية يلتقطون إخوانه الصغار ويقذفون بها الضباع التي تخطفت بعض صغارهم وتحاول أن تخطف من الباقين الأقوياء.
تقلقل الحجر الراسخ في مكانه، وثار ثورة عارمة، وتزلزل كيانه، ثم ما لبث أن انفجر إلى أجزاء، والشجرة المزهرة تضحك ضحكات هستيرية وهي تراه يتحول إلى صُخيرات من نار في حجم قبضة اليد، سرعان ما التقطها الصبية وقذفوا بها الضباع التي فرت هاربة خلف أشجار الغرقد.
عندها توقفت الشجرة المزهرة عن الضحك.