من يوميات كُتّاب حينا  __ الحسين ليمام

0
229

… كغيره من أقرانه لم يكن فراشهم إلا حصيرا خشنا يكتظون فوقه، وهم أمام ألواحهم الخشبية الملطخة بالصمغ، في زقاق طويل ضيق ينتهي إلى قاعة الصلاة في مسجد الحي، وكان كل أمله أن يجلس في المجلس الوثير الخاص بالفقيه الموضوع على درج عالٍ كي يتسنى له مراقبة كل الأطفال، أمل نقله من حلم الجلوس هناك إلى حلم أخذ مكان الفقيه، ليستحوذ على ما يأخذه من الصبية كل يوم أربعاء من دريهمات وبيض …. ومن هذا الحلم إلى ذاك.. حتى سها عن لوحه، ففقد الإحساس بما يدور حوله من أصوات زملائه التي تنخفض حينا وتعلو أحيانا، وضمنها صوت الفقيه الذي يأمره بأن يقرأ لوحه، ولكن حلاوة الأحلام غيبت ذهنه عن جسده الذي لم يجد مفرا من أن يستقبل ضربة من عصا الفقيه، إذ هوت على ظهره بكل ما حملت إليه من ألم … فلم يجد بدا من أن يتمتم كلمات لم يفهم معناها علها تقيه شر عصا الفقيه إلى أن يخرج من الكتاب ويبحث عمن يشكو إليه عدوان العصا الظالمة … وما أن خرج حتى أسرع إلى البيت يشكو ظلم الفقيه وعدوانه، فلم يجد بدا من أن يسمع حكاية كل يوم : “ضرب الفقيه مشروع، وعدوان العصا مباح،” وأن كل مكان آلمته العصا من جسمه محرم على نار جهنم حرقه…

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here