بين المغرب والفجر
ينزوي عارف في ركن من البيت جعله مكتبا. يستنسخ من ضياء المصباح مخطط المنهج.
الأم تجتهد مع الصبية ليناموا بعد مضي هزيع من الليل.
قالت في ضجر :
– ” هلا أطفأت النور، فقد منع الأطفال من النوم، وهد جسمي الأرق!
رد متأففا :
كيف أطفئ النور وتخطيط المنهج لم يكتمل بعد؟ ألا يجدر بنا أن نصنع من العتمة فجرا يليق بنا.”
يصيح الديك في الفناء. تقوم الأم للصلاة داعية منهكة….
في الطريق
يسير عارف رافع الهام فخورا بمنديله الأبيض. وتسير سيدات يصاحبن الصغار إلى المعهد. تفلت بنت من يد أمها تقدم للسيد عارف وردة لم تفتح بتلاتها بعد وتنحني احتراما للمثل الأعلى. يخطف البنت والوردة مراهق أرعن. وتصيب السيد عارف من الخلف حجر طائش. قهقهات ساخرة تملأ المعبر من شباب ماكر….
في ساحة المعهد
يقفز الأستاذ ليتجاوز باب المعهد بحثا عن الأمان. يتعثر يسقط من يده الدفتر. يجري الحارس يسند السيد عارف ويرفع الدفتر. يستغرب المدير من المشهد. يلوم الأستاذ :
“أنت المخطئ، لماذا لا تأتي مبكرا لتنجو من الخطر؟
في الفصل
الأستاذ يشرح المنهج، بيده اليمنى طباشير، ويسند بالأخرى جنبا يتوجع. ينبري طفل من الفصل بيده سكين نصلها صدئ يفتح بها خطوطا في وجه الأستاذ وجنبيه والساعد.
يكثر الهرج في الفصل ويسقط السيد عارف مغشيا عليه غير واع بما يجري.
يدخل المدير حائرا تعوزه الحيلة ومعه ثلة من الأساتذة.
ثم يصل الإسعاف بعد فترة. يُنقَل السيد عارف إلى المصحة.
تلميذ يخط على الطاولة بالدم القاني : ” شم ريحة الدم”
أكثر الأطفال في رعب وبعضهم بالنشوة يتخمر. يحكي شطحاته مفتخرا :”أنا أيضا لي صولة”.
وأخرى تقترح: “ماذا لو نظمنا الحركة، لو نطعن كل يوم أستاذا لنختم المنهج!”
كيف تؤخذ العبرة
يخطب المدير في زملائه : ” تفهموا سادتي! الوضع طبيعي، فكيف نلوم مراهقا ما زال عقله لم يكتمل بعد. ”
ثم يقول الوزير في موقف غريب : ” لا يمكن أن يحاسب منحرف ما دام طفلا قاصرا… ”