سرطان الشبح الفايسبوكي – د. يحيى الشيخ

0
804
شاعر مغربي مقيم بفرنسا
أسماء كثيرة تتخفى وراء حسابات وهمية تقضي كل أوقاتها في ملاحقة الناس والتجسس عليهم والقذف في أعراضهم. هذه الأفعال المشينة، كالحسد والغيرة والغضب والغيبة، آفات مهلكة كما نعتها الإمام الغزالي (المتوفى سنة 1111م) في الجزء الثالث من كتابه إحياء علوم الدين. وهناك صفات أخرى ذميمة التصقت بهذا الصنف الفايسبوكي من البشر، وهي كثيرة في القرآن الكريم وفي القواميس العربية، منها: الحسود والواشي واللائم والعاذل والنمام والمنافق والمغتاب. أما لغتنا الدارجة فنعتتهم بأفظع من كل هذا، كعبارات: «اولاد لحرام»،  وهلم جرًّا. والغريب في الأمر أن كثيرًا من هؤلاء يتخفون وراء أسماء جميلة كــ«محمد محمد (ص)» (مرتين)، وسلوى ووفاء، وغيرها. ولكن كل المستهدفين يعرفون أن أصحاب هذه الحسابات الوهمية إنما هما : رجل تنعدم فيه صفات الأنوثة وامرأة تنعدم فيها صفات الرجولة! فإنا لله وإنا إليه راجعون، والله يتولى الجميع برحمته!
نص القصيدة :
آنَ الْأَوانُ لِيَحيا الْحُبُّ مُنْكَشِفًا
فَقَدْ عَرَفْنا الَّذي مِن عِشْقِنا ضَجِرَا
أَسْماؤُهُ بَيْنَ ناسِ الْفَايْسِ مَوَّهَهَا
وَوَجْهُهُ خَلْفَ بِاسْمِ اللهِ اِسْتَتَرَا
يَحْشُو الرَّسائِلَ كِذْبًا ثُمَّ يَنْشُرُها
وَيَخْتَفي ثُمَّ يُخْفِي بَعْضَ ما نَشَرَا
وَحِينَ يَكْتُبُ تَدوينًا بِصَفْحَتِهِ
يَكُونُ شُؤْمًا عَلَيْهِ كُلُّ ما ذَكَرَا
يُشارِكُ النَّاسَ ما يُلْقُونَ مِنْ صُوَرٍ
وَيَبْعَثُ اللّايْكَ كَيْ لا نَعْرِفَ الْخَبَرَا
وَكْم يُحَدِّثُ عَنَّا كُلَّ آوِنَةٍ
قَوْمًا بِنا غَدَرُوا، يَا بِئْسَ مَنْ غَدَرَا!
فِي الْخَاصِّ يُرْسِلُ نُصحًا لِلَّتي ذَكَرَتْ
اِسْمي، يَقولُ لَها: لا تَرْكَبي الْخَطَرَا!
إِيَّاكِ، هَذَا الَّذي تَهْوَيْنَ كَارِثَةٌ
زَوْجَاتُهُ كُثُرٌ، فَلْتَسْأَلِي عُمَرَا!
وَهَاجَرُ ابْنَتُهُ هَلْ تَعْلَمِينَ بِها؟
حَمْدًا فَلَسْتِ تَرَيْ مَا كَانَ قَبْلُ جَرَى!
يَا مَارِدَ الْفَايْسِ يَعْلُو السِّربُ فِي ثِقَةٍ
وَأَنْتَ تَبْقَى كَمَكْسُورِ الْجَنَاحِ وَرَا
فَالنَّحلُ يَسْعَى إِلَى أَرضٍ مُعَطَّرَةٍ
وَأَنْتَ تَحشُرُ أنفًا كَيْ تَذُوقَ خَرَا
هَذَا حِسَابُكَ مَشْبُوهٌ بِلاَ شَبَهٍ
كَأَنَّهُ إِسْتُكَ الْمَغْبُونُ قَدْ فُغِرَا
وَأَنَّكَ الْاِسْمُ لاَ يَرْقَى بِصُورَتِهِ
هَلاَّ وَضَعتَ مَكَانَ الصُّورَةِ الدُّبُرَا! 
إِنَّا عَرَفْناكَ فَاصمُتْ لَسْتَ زَانِيَّةً
مِنْ قَوْمِ عِيسَى فَنَرمِي صَوْبَكَ الْحَجَرَا
مِنْ أُمَّةِ الْمُصطَفَى حَاشَا تَكُونُ وَقَدْ
شَارَكْتَ إِبْلِيسَ أَصلاً كَانَ فِيكَ سَرَى
يَا أَيُّها الشَّبَحُ الْوَهْمِيُّ يَا شَبَحًا
إِنْ كُنْتَ ذَا شَرَفٍ لاَ تُتْلِفِ الصُّوَرَا
حَتَّى نَرَاكَ ذَلِيلاً حِينَ نَكْشِفُهَا
كَعَوْرَتَيْكَ لِمَنْ يَرجُو لَكَ الْعَوَرَا
أَوْ كُنْتِ أُنْثَى فَمَا الْأَشْبَاحُ تُطرِبُنَا
فَكَيْفَ تُطرِبُ مَنْ اِعْوَرَّتِ الشُّعَرَا؟
إِنْ كَانَ بَطْنُكِ عَطشَانًا فَلاَ أَسَفٌ
إِنَّ الرِّجَالَ هُنا، لَنْ تَعدَمِي ذَكَرَا
فَالْفَايْسُ يَحبُلُ بِالآلاَفِ فَانْكَشِفِي
يَا ذَاتَ وَجْهٍ خَبَا لاَ يُسعِدُ النَّظَرَا!

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here