صحيح أنني مزاجي.. وعصبي بعض الشيء.. لكنني لست مجنونا كما يظنني البعض.. فمشكلتي شحذت حواسي ولم تدمرها.. لقد رأيتهم بأم عيني منحشرين في ركن ضيق بالمقهى.. يشبهون بعضهم بعضا.. يعيشون حياة واحدة.. يحملون الأفكار نفسها.. ويحلمون الأحلام نفسها.. يرددون ما يسمعون دون التأكد من حقيقة ما يقولون.. حتى قائمة طلبات ما يأكلون وما يشربون لا تتغير هي الأخرى.. يكررون أنفسهم باستمرار.. يعيشون خارج التاريخ والجغرافيا.
جلست أنظر إليهم وأتحسر.. وصدري يضيق ويتسع.. كاد قلبي أن يقفز خارج القفص الصدري.
تناهي إلى مسمعي صوت قريب من الهمس يأتيني من ورائي يردد:
– دعك منهم يا صاح.. إن القلوب مزارع.. فازرع فيها ما هو جميل ومفيد.. فإن لم ينبت كله.. نبت بعضه .
استدرت أبحث عن مصدر الصوت.. لا أحد هناك.. غير صورة كبيرة لمهرج تبدو على وجهه علامات الفرح تتدلى من على الحائط.