Home Slider site جريدة الموندو الإسبانية، وحرم المسؤول المغربي إياه – أحمد حضراوي
وااااو.. وااااو.. وااااو..
ما إن ألقت جريدة الموندو الإسبانية بمقالها عن فساد بعض المتنفذين في مؤسسات مغربية رسمية أنشئت لغير إثراء المعينين على رأسها بظهائر ملكية شريفة لأجل القيام بمهام محددة لا يدخل في ضمنها الاستغلال الشخصي أو العائلاتي الضيق، حتى انطلقت ميليشياتهم على مواقع التواصل الاجتماعي في شكل صحوة الخلايا النائمة للرد على الجريدة الإيبيرية بـ “كلنا فلان” أو “متقيسش فلان”، وصولا إلى “كلنا حرم فلان” و”متقيسش مرات فلان سيدنا”.
معركة انبرى لها جيش من الفيسبوكيين من شخصيات ذاتية أو معنوية (جمعيات)، وأخص منها تلك الكامنة هنا وراء بحر الظلمات والتي لم نر لها أثر نشاط ثقافي جاد ولا غير جاد طوال سنوات إلا ملء بطن حساباتها هنا رغم إنكار الداعم والمدعوم، حتى بلغ ببعضهم أن يتقاضى أجرا شهريا ثابتا من بعض تلك الجهات مقابل (…)، ناهيك عن السفريات المكوكية إلى الرباط على حساب صاحب الشأن بمناسبة وغير مناسبة، اللهم أن تكون ثقافية أو وطنية مقدستين !!!!
اتهامات هي إذاً وجهها صحفي معروف بترصده للفساد في الداخل الإسباني وخارجه، سواء كانت تلك الاتهامات بنية كما يزعم من خلال رصده لمسار الاتهام واستشهاده بملفات مرفوعة منذ مدة غير قصيرة أمام القضاء الإسباني غير المسيس أو الموجه كما هو الشأن لقضاء بلداننا، اتهامات لم تترك الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية ليبلع لسانه بل دفعته دفعا للرد وقبله الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، بأن كل الاتهامات الواردة في الموندو باطلة ولا أساس لها من الصحة سواء تلك المتعلقة بمسؤول المؤسسة أو زوجته الشريفة. بل ذهب المسول المعني بالاتهام أبعد من ذلك في سيناريو رهيب مستمد لاشك من الأفلام والمسلسلات التي يملأ بها فراغه، حيث حاول أن يعطي القضية بعدا سياسيا استراتيجيا فأقحم فيها اليمين الإسباني مع اليسار ليصل إلى استنباط مفاده أن خسارة اليمين في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي عرفتها إسبانيا وفي الانتخابات الأوروبية التي جرت شهر ماي الماضي بسبب الفساد الضارب في هذه النخبة اليمينية الإسبانية التي فقدت “الشرعية والمشروعية” داخل المجتمع، مستنبطا أن اليمين الذي فقد مشروعه المجتمعي يعمل على استرجاع جغرافيته التمثيلية من خلال تبني ملفات الهجرة والإسلام، وأنها وجدت في الإسلام – ويقصد ذاته كممثل للإسلام على الأرض- ضالتها !!!!
ثم يعجب بطرحه فيقحم مؤسسته في سابقتها في الشأن الديني وطرحها المعتدل وإسهامه الفكري هو نفسه في نشر دين الله في إيبريا بل طفح كيل وهمه حينما فاح بأقبح عبارة غرور مفادها أن استهدافه ليس فقط استهدافا لمغاربة العالم بل استهدافا للمغرب!!
وما زال يتقول حتى ظنناه طارق بن زياد يخطب في جيشه، الموندو من ورائكم والفيسبوك من أمامكم. حتى إذا انتهت عنترياته توعد الجريدة برفع دعوة “فاعلة تاركة” ضدها، ولو كان قد عجل القيام بذلك وصمت لكفى واكتفى وجنب نفسه والجالية إقحام الدين والدنيا في قضية شخصية أو بالأحرى عائلية. بل وأكثر من ذلك يقحم قضية المغرب المركزية ألا وهي قضية الصحراء المغربية في جملة رده على اتهامات لا تعدو أن تكون قضية فساد وتهريب أموال وتبييضها.
ولم كل هذا التيه في الرد؟ ربما استغلالا لعاطفة مغاربة العالم وقد حاول فعلا العزف على أوتار حساسة يحسون بها أكثر مما يمكن أن يحس بها مغاربة الداخل، رغم أن القضية كما سبق وأن قلت وأعيد هي قضية يفترض أنها قضية فساد “وكتوقع حتى ف احسن البلدان”، تنتهي عادة بمواجهتها شخصيا دون كل هذا اللف والدوران !!!
فأما أن الجريدة تستهدف الإسلام، فنعلم وضع الإسلام والمسلمين المغاربة خاصة في إسبانيا بعد رفع يد السعودية تحديدا يدها عن المنابر الدينية، ورغم كل السلبيات فلا نستطيع أن نجزم أن الصحيفة أو كاتب المقال يوجهان اتهاما للإسلام، فكان حريا بالطرف الآخر ألا يقحم تدبير الشأن الديني في محاولة رده المستعجلة وغير المدروسة وغير محسوبة العواقب، لأنه ماذا إذا ثبتت الاتهامات ضد الأشخاص الواردة أسماؤهم في مقال الاتهام، هل يجوز أن يتهم الإسلام أيضا حينها، والمدرسة المالكية التي يتبناها المغرب رسميا؟!
كما أن دوافع المقال غير مخابراتية، لأنه وبكل بساطة كل مفسد لديه قابلية أكثر لأن يضع ثمنا مقابل ولائه لمن يدفع، ولن أطور هذه النقطة أكثر بل أتركها لذكاء القارئ.
أما الحديث عن اليمين وانتكاساته الانتخابية فلا يمكن أن إلا أن نقول أن فهم ساذج للوضع السياسي الإسباني، لأن اليمين لو أراد أن يوجه سهامه إلى المغرب لوجهه إليه كدولة أو توجه إلى رمزه كملك أو حكومة أو حتى وزير خارجية وليس إلى ما دون ذلك مستوى فالجريدة اإسبانية ليست لها دوافع عنصرية، بل هي على لسان صحفيها أداة نقد لاذعة للفساد والمفسدين .
خلاصة القول، إن سفريات زوجات بعض المسؤولين الواردة أسماؤهن في المقال، والموثقة تواريخا وصورا على صفحاتهن على مواقع التواصل الاجتماعي سهلت للصحافة العالمية تتبع المال المهرب، وسهلت لها ترصد لقاءاتهن مع جهات بالخارج، وبالتالي فك ألغاز كثيرة من شبكات فساد، لم تلبث أن اكتشفت وأصبحت وصمة عار على جبين المغاربة في الداخل والخارج، ومهما كان مآل هذه القضية إن فعلا توجه هؤلاء المتهمون إلى القضاء كما أرعدوا وأزبدوا على مواقع التواصل، أو دهمتهم الأدلة وانكشف المستور، أقول مهما كان مآل القضية فلابد أن موجة تعديل آتية في القريب العاجل، ستسقط الكثير من الجالسين على كراسي المال العام على عتبات المحاسبة والمحاكم.