شاعرة المرج
( الرحيل الي مرافيء الحلم ٠٠٠ !! )
الشاعرة الليبية زاهية محمد علي ١٩٦٤ / ١٩٨٦ م
” من يغمد سكينه في جراحي
من يمنحني راحة الموت فأهوي
كبنفسجة ذابلة
ان ركاما من الحزن يغتالني
فأطوي أمام الرياح شراعي ٠٠٠ “٠
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
في أرض ليبيا الحبيبة حيث البطولات والفتوحات نتوقف مع شاعرة لها بصمات في ديوان العرب الخالد المعاصر٠
وقد رحلت في سن شرخ الشباب وتركت لنا ديوانها ومجموعة قصصية التي تصور وتعبر فيهما عن واقع ومستقبل وطنها المفدي ٠٠
ومن ثم تعزف متواليات الحب في ترانيم رومانسية حالمة تعكس الحالة المزاجية لها بين ظلال تلك الحياة المترامية خلال البيئة ذات الطابع الخاص، وهكذا كانت رحلتها القصيرة والتي ذهبت أدراج الرياح بميلاد الأماني٠٠
نشأتها:
******
ولدت الشاعرة الليبية زاهية محمد علي. عام ١٩٦٤م ٠ في مدينة المرج (الشمال الشرقي من بنغازي – ليبيا) وتوفيت إثر حادث طريق في سرت (الساحل الشمالي – ليبيا).
قضت حياتها القصيرة في ليبيا. تلقت تعليمها قبل الجامعي بمسقط رأسها «المرج»، وفي عام 1981 التحقت بكلية الآداب – جامعة قار يونس – ببن غازي، فحصلت على الليسانس في مجال الإعلام عام 1985.
عينت فور تخرجها معيدة بقسم الإعلام «كلية الآداب – جامعة قار يونس»، كما أسند إليها رئاسة وكالة الأنباء الليبية ثم عاجلتها المنية عام 1986 م ، في حادث سير لترحل عنا في سن الشباب، تاركة لنا نتاج أدبي جيد ٠
الإنتاج الشعري:
***********
– لها ديوان بعنوان: «الرحيل إلى مرافئ الحلم» – دار الجماهيرية للنشر – طرابلس 1989.
الأعمال الأخرى:
– لها مجموعة من القصص القصيرة والنصوص المسرحية٠
شاعريتها :
********
كتبت قصيدة الشعر الحر، حيث حافظت على التفعيلة والإيقاع ووزعتهما على السطر الشعري. كما حرصت على تقسيم القصيدة إلى مقاطع، مع وحدة الجو النفسي، فجاء كل مقطع بمثابة دفقة شعورية تسهم في تشكيل الإيقاع الداخلي لمجمل القصيدة، و هذا واضح جلي من تأمل رحلتها مع الشعر فهي تمتلك دفقة شعورية ووحدة الموضوع من خلال النفس الطويل وتوظيف البيئة في تصوير تعبير الأحاسيس رسالة جمالية مفعمة بالحب والألم في توازن بين التعبير الذاتي الذي يعكس قوة العاطفة بإفادات رمزية، وبين الواقع الخارجي. ينبئ شعرها عن تميز ونضج، توهج مبكرًا وانطفأ سريعًا، تتكرر في قصائدها مفردات التمرد والثورة، مسندة إليها، وإلى الفقراء، صوت نسائي معبر عن الأفق برؤية فعالة مشاركة حقيقية هكذا تطالعنا شعرا ذات تجربة صادقة قوية تمتلك مخزون لغوي ونحوي وبلغة فياضة في نسج مطوالتها الرائعة في قوالب متجددة رائدة٠
مختارات من شعرها :
***************
مع قصيدة بعنوان (موعد بدء الختام ):
هي الوحدة الآن تغتالني
ويسحقني وقع هذا السكون البليدْ
تتفتح ذاكرتي الآنَ
للقاءٍ قديمْ
وتمضي مختارة
مواعيد أحزانها
كان شتاءً طويلاً
انهالت دموع السماء
وامتزجت بحنيني
هوى النجم القتيل
وبقي نجم وحيدا
من يغمد سكينه في جراحي؟
من يمنحني راحة الموت
فأهوي
كبنفسجة ذابله؟
إن ركامًا من الحزن
يغتالني
فأطوي أمام الرياح
شراعي
وأحفر في سفر الجنون
موعد بدء الختام
على بعد خطوة واحدة من حنيني
استدار الرصاص إليه
يعذبني وجهه وتلك العيون الحبيبة
حين تجيء في هدأة الليلْ
فتوقظ
فيَّ طائر
المساء الجميلْ
شهوةً للرحيل
ورغبة في البكاء
يجذبني الحلم المستحيلْ
فتعشوشب الذاكرة
وتنهض في القلب غاباته
وتصبو السنابل
للركض بين الحقولْ
حينما ألغت الأرض مواعيدها
وأغلقت صدرها دون اللقاء
غطى الرماد الفصول
قبل الوصولْ
وردة للفقير المقاتلْ
الذي لامس الشمس
ونما الموج بين كفيه
واستحال الجرحُ
رصاصْ
وردة للفقير القتيل
الذي استنهض العشق فينا
ولم يستكن
لأوجاعهِ
ولم ينحنِ
واقفًا صلبوه
ولم ينحنِ
***
من قصيدة: ( عن البوح والموعد الآتي ) :
لغةٌ
لغةٌ
لغةٌ وحروفٌ ساكنةٌ
لا تعرف كيف تترجم هذا الوهج المتدفقَ
يسكنني الفقراءْ
يسكنني أنتْ
ويبحث عنك الفقراء
وكل المقهورين ينادونك
تَعِبٌ أنت ومرهَقْ
واعرف أن الليل كئيبْ
لكن الزهرة تفتح كفيها
تدعو عند الفجرِ
وأنت تنامُ
سويعاتٍ ثم تقومُ
وتدعو
كالزهر
كما قلبي
المسكون بكل الفقراءِ
كما البحر حين يقذف وعدًا
فتتلقفه السحب
وترسل أولى بشائرها
أغفو
ثم أعبُّ
في الحلم
رائحة الأرضِ
المشْبعة بالوعد وبالحب
كل لغات العالم ترتبكُ
وهذي حروف لا تتسع لحجم الأمل
لا تعرف كيف تترجم هذا الوهج المتدفق كالحمم
أنتظر متلهفةً
فتعلِّمني كيف تبدأ
الأرض دورتها
وأوقف فيك
مواسم ترحل نحو مواسم أخصب
ومد أخضر
يا لغة الأرض
يا لغة العشاقِ
والفقراءْ ٠
هذه كانت أهم الخطوط العريضة لمسيرة شاعرة المرج الليبية الراحلة زاهية محمد علي، التي انخرطت تحت مظلة المدرسة الرومانسية وتأملاتها الواقعية نحو قضايا المجتمع المعاصر، في رؤية تجسد تجربتها داخل صدق مشاعرها النبيلة دائما ٠