الأديب والمتلقي
هذه الطيور التي تحلق في سماء الشعر والنثر ؛ تتباهى بالأجنحة التي تسافر بها في القلوب وتؤثر في
السلوك فأغلب الناس يسمعون نداء الأدباء، والأدباء معجبون بإبداعهم، فالأجنحة فيها ما فيها، وعندها المقدرة
الكافية على التحليق، والحرية عند بعض الأدباء بلا جدار؛ وهنا يكمن الخطر. ذلك أن الأجنحة المنطلقة هي
“الطواعية الشعرية والنثرية” التي يسعد بها الأديب، فهو يأوي إليها عندما يريد أن ينبه الناس إلى أمر يظنه مهما
وإن كان الآخرون لا يرونه كذلك لكن “البريد” الذي يستخدمه الأدباء للتشويق كان يختلف باختلاف ما يكتبونه؛
فجمال الصورة الفنية والعاطفة والخيال مثلا كان كافيا في القصيدة لتجتاز مرحلة النقد بنجاح؛ ولكن الشعراء
كانوا يهتمون مع ذلك كله بجمل شعرية تبهر المتلقي، فربما يقتنع بالمضمون مع مخالفته له لأن الشاعر استطاع
بهذه “التقنية” أن يقنع المتلقي وإن كان عنيدا وهذا ما كان يحصل عند كتابة المسرحية، فقد يكون المتلقي من
أشد المهاجمين لها؛ ولكن عنصر “الإضحاك “الذي يستخدمه الممثلون يقوم بترويج الأفكار ليسهل بعد ذلك
قبولها، فإذا بالأديب يفوز بنجاح مسرحيته (ظاهرا) فالنجاح الحقيقي هو في تأدية الأمانة بكل نزاهة، ويأتي
عنصر التشويق بعد ذلك مكملا، وهنا نستطيع أن نرسل بطاقات الاعتراف والتبجيل للأدباء الذين قدموا الحقيقة
كالشمس للمتلقي وإن كان التقدير الحقيقي هو عند رب العالمين سبحانه وتعالى.