المسك الفواح _ د. جواد يونس أبو هليل

0
745

 


مهداة إلى روح شهيد الفجر صديقي وابن صفي الشهيد “سفيان زاهدة” وأرواح شهداء مجزرة المسجد الإبراهيمي الشريف (رحمهم الله جميعا) الذين عرجوا إلى الجنان فجر 25.2.1994.
=======================================
المسك الفواح

لا تَحْسَبيني مِنَ الْأَوْجاعِ مُرْتاحا *** وَإِنْ صَبَبْتُ لِصَحْبي الشِّعْرَ أَقْداحا

فَمُتْعَبٌ أنَاْ، يا لَيْلى، بِقافِيَتي *** وَالرّوحُ أَمْسى مِنَ الْأَحْزانِ صَدّاحا

إِنْ تَأْذَني بِانْطِفاءِ النّارِ في كَبِدي *** وَبَيْنَنا أَلْفُ بَحْرٍ جِئْتُ سَبّاحا

عَيْنُ الْيَراعِ وَعَيْنُ الشِّعْرِ قَدْ بَكَتا *** عَلى فُؤادي الَّذي مِنْ حُزْنِهِ ناحا

وَلا يَدٌ كَفْكَفَتْ دَمْعي، وَلا احْتَضَنَتْ *** قَلْبي الْحَبيبَةُ لَمّا بِالْهَوى باحا

لا توقِظي الْجُرْحَ يا أَشْعارُ إِنْ أَخَذَتْ *** نَزيفَهُ سِنَةٌ في الْفَجْرِ وَارْتاحا

الشِّعْرُ جَنَّةُ روحٍ لَيْسَ تُخْرِجُهُ *** مِنْها وَساوِسُ أَفْعى حِقْدُها لاحا

كَمْ راوَدَتْني عَنِ الْأَشْعارِ فاتِنَةٌ *** وَمَنَّتِ النَّفْسَ رُمّانًا وَتُفّاحا

فَما عَبِئْتُ بِها لَمّا رَأى قَلَمي *** بُرْهانَ رَبّيَ شِعْرًا مِسْكُهُ فاحا

مَدَحْتُ فيهِ رَسولَ اللهِ مِنْ صِغَري *** وَلَمْ أَكُنْ، لِسِوى الْمُخْتارِ، مَدّاحا

وَجاءَني صاحِبٌ فَذٌّ لِيَنْصَحَني *** وَخَيْرُ صَحْبِكَ مَنْ قَدْ كانَ نَصّاحا

وَقَدْ حَباني إِلهُ الْعَرْشِ مِنْ كَرَمٍ *** صَحْبا كِرامًا وَأَفْذاذًا وَنُصّاحا

(هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنَّ اللهَ فارِجُها *** وَإِنَّ لِلْبابِ مَهْما ضاقَ مِفْتاحا) (1)

فَقُلْتُ: ما لي سِوى رَبّي، سَيَفْتَحُ لي *** أَبْوابَ رَحْمَتِهِ مَنْ كانَ فَتّاحا

وَما بَكَيْتُ عَلى نَفْسي وَإِنْ أَلِمَتْ *** لكِنْ عَلى وَطَنٍ يَقْتاتُ أَتْراحا

أَرى فِلَسْطينَ وَالْمُسْتَوطَناتِ كَما *** أُمٍّ بِها وَرَمٌ قَدْ زادَ وَانْداحا

وَما تَطَوَّعَ آسٍ كَيْ يُعالِجَها *** وَلا اسْتَشارَ لَها الْأَبْناءُ جَرّاحا

وَكَمْ أَتاها حَديثُ الْإِفْكِ مِنْ نَغِلٍ! *** كَمْ أَعْجَمِيٍّ رَمى بِاللَّحْنِ أَقْحاحا!

فَلَمْ يَرِفَّ لَها جَفْنٌ وَلا هُدُبٌ *** وَهل تَهابُ الْجِبالُ الشُّمُّ أَرْياحا؟!

وَحاقِدٍ لا يَرى إِلّا الَّذي رَضِيَتْ *** بَنو الْأَفاعي بِهِ كَسْبًا وَأَرْباحا

وَلَوْ هُمُ قَبِلوا مِنْ خائِنٍ عَمَلًا *** لَزادَ كاتِبُهُ التَّلْمودَ إِصْحاحا

عَلى الْأَعادي خَروفٌ لا قُرونَ لَهُ *** وَصارَ لِلشَّعْبِ جَزّارًا وَسَفّاحًا

كَأَنَّما مَعْ (نِتِنْياهو) مُسابَقَةً *** أَجْرى لِيَحْصُدَ آمالًا وَأَرْواحا

تَبْكي الْخَليلُ عَلى أَبْنائِها حَزَنًا *** وَإِنْ هُمْ مَلَأوا الْفِرْدَوْسَ أَفْراحا

تُزَغْرِدُ الْأُمُّ في عُرْسِ الشَّهيدِ وَفي *** فُؤادِها غَرَسَ الْفِقْدانُ أَرْماحا

كَيْما يَظُنَّ الْعِدا أَنْ قَدْ بَكَتْ فَرَحًا *** كَمْ شامِتٍ رَشَّ فَوْقَ الْجُرْحِ أَمْلاحا

أَمّا أَبوهُ فَيَبْكي فَقْرَةً كُسِرَتْ *** في ظَهْرِهِ … وَبَدا لِلنّاسِ طَحْطاحا (2)

أَمّا أَنا … فَدُموعُ الْمُهْجَةِ انْسَكَبَتْ *** لَمّا غَبَطْتُ صَديقًا حازَ أَدْواحا

إِنَّ الشَّهيدَ كِرامُ النّاسِ تَغْبِطُهُ *** عَلى الْجَنائِنِ إِمْساءً وَإِصْباحا

تَظَلُّ ذِكْرى شَهيدِ الْفَجْرِ عابِقَةً **** فَدَمُّهُ لَمْ يَزَلْ بِالْمِسْكِ فَوّاحا

الظهران، 25.2.2017 جواد يونس
منقحة، 25.2.2018
============
(1) البيت للمبدع الفلسطيني الكبير الشاعر محمود مفلح (حفظه الله)
(2) الطَحْطاحُ: الأَسَدُ.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here