كلما استمعت أو قرأت لأدونيس بالصدفة في السنوات الأخيرة كلما وجدت أن الرجل نموذج للمثقف العربي اليتيم المعلق. هو فعلا حالة تصلح للدراسة كعينة عن جماعة من المثقفين العرب الذين يتقنون الصراخ لكنهم لا يستطيعون بناء نسق واضح. منذ أن ترشح لجائزة نوبل قبل سنوات وهو يهاجم العرب والمسلمين ودينهم في كل محفل لكنه لم ينل الجائزة. يفعل ذلك لكي يؤكد بأنه فعلا خادم مطيع وبأن وظيفة اللسان هي المسح فقط. يقول أي شيء عن كل شيء وليس له مكان يستقر فيه. الغريب أنه معروف كشاعر لكنه يريد الحصول على الجائزة بمواقفه النثرية وليس بشعره الذي يغرق في العدمية والسريالية ويسرق خيالات شعراء أوروبيين كما فعل مع سان جون بيرس وقد فضح كاظم جهاد سرقاته الشعرية في كتاب معروف. وضعه غريب. في أوروبا يقول إن الدين هو المشكلة وفي العالم العربي يقول إن الفكر الديني هو المشكلة. لكل سوق بضاعة. الذين يعرفون مساره يعرفون أنه صنع شهرته بالنثر لا بالشعر. هذا رأي كتبته عن أدونيس قبل عشر سنوات وما زلت عليه. شخصيا عندما كنت تلميذا أبهرني كتابه”زمن الشعر” لكن عندما قرأت شعره في السنوات اللاحقة وجدت أن التنظير في واد والشعر في واد. حتى قصيدته التي يقال إنها أحسن ما كتب”هذا هو اسمي” مجرد لصق. خلفياته الثقافية والسياسية معروفة وتمويلات مجلة “شعر” مع يوسف الخال موثقة لكن الرجل يقدم نفسه مناضلا في زمن الانحناء. محمود درويش كان شاعرا عظيما بمقاييس الكتابة الشعرية لكنه كان متواضعا دون تطبيل، بل إن مقاله الشهير “أنقذونا من هذا الشعر” في بداية الثمانينات ضد القصيدة النثرية الركيكة كان يتوجه إلى أشباه أدونيس. مع ذلك الرجل لديه أتباع بعضهم يقدسه وهذا من علامات التردي الثقافي والجمالي في العالم العربي لأننا في زمن الحروفية، حيث يلتقط بعض الناس الحروف كالدجاج دون هضم.