قَالوا إني كَفِيفٌ لاَ أَرَى
لَكِنَّ لِي أَصابِعاً لاَ تُشْتَرَى
وَضَعْتُ حَرْفي أَمامَ الشَّمْسِ
وانْتَظَرْتُ مَجِيءَ اللَّيْلِ فَأَقْمَرا
أَنا مَنْ عَجِنْتُ شَمعاً عَلى دَفاتِرِي
فَغَدَا مَرْجاً وَحَقْلاً وَنَبْعاً أَزْهَرا
أَنا مَنْ نَحَثْتُّ بِيَدِي وَجْهَكَ
يا وطني على الْمَرْمَرِ فأَنْوَرا
لِيَرَى فِيكَ وَجْهَهُ الْجَمِيلَ
كُلُّ مَنْ أَحَبَّكَ مِنْ قَلْبِهِ فَأَظْهَرا
لِيَعْلَمَ أَنَّ فِيكَ مِلْحاً وَوَرْداً
وَعَنْبَر اً ومسكاً وشجراً أخضرا
فِيكَ النَّبْعُ ، فِيكَ الصَّفْوُ فِيكَ..
الْأَرْوَاحُ تَسْبَحُ ، وَأَشْيَاءُ لاَ تُرَى
أَنا مَا نَسِيتُكَ أَبَداً يَا وَطَنِي
بَلْ غَنَّيْتُكَ عُوداً وَرَباباً أَشْهُرا
نَعَمْ أَنَا لا أَرَى أَلْوانَكَ الْقُزَحِيَّةَ
غَيْرَ أَنِّي أَنْسُجُهَا زَهْراً أَعْطَرَا
لِتَبْقَى فِي الْوُجُودِ جَمَالاً وَذَوْقاً
وَاشْتِيَاقاً لِمَنْ مَشَى فَوْقَ الثَّرَى
أَمْزُجُهَا أَنْسُجُهَا كُحْلاً لِعَيْنَيْكَ
تَسْحَرُ مَنْ نَامَ فِيكَ أَوْ أَبْحَرَا
قَالوا إني كَفِيفٌ لاَ أَرَى
لَكِنّي أَنْقُشُ بِقَلْبِي رُوحَكَ
لِتُطِلَّ بَهَاءً لِمَنْ أَبْصَرَا