قَالَتْ تُلَمْلِمُ جُرْحَهَا :
لاَ لَمْ يَمُتْ وَلَدِي سُدى
أَو هَلْ يَمُوتُ الزَّعْتَرُ البَرِّيُّ
إِذْ يَبْقَى شَذَاهُ
عَلى الرُّبَى ؟؟
لاَ لَمْ يَقُلْ وَلَدِي وَدَاعا
قالَ صَمْتًا
قالَ حُزْنًا كَالتِّلاَلِ…..وَ قَدْ مَضَى
لَمْ يَنْتَبِهْ لِبُكَاءِ قُبَّرَةٍ ، وَمَالَ مَعَ الظِّلاَلْ..
وَالرِّيحُ أُنْثَى فِي اكْتِمَالِ جُنُونِهَا
” شمخاتُ ” قَدْ نَزَعَتْ عَنِ السَّرْوِ الغُبَارْ
وَتَسَلَّلَتْ مِنْ بَيْنِ أَزْرَارِ القَمِيصِ ، تَأَوَّهَتْ !!
آااااهٍ لَقَدْ كَبُرَ الفَتَى..
كَانَتْ خُيُوطُ الشَّمْسِ تَجْلِدُ ضَوْءَهَا
أَسْنَانُ مِشْطٍ تَشْتَكِي ضَجَرَ المِسَافَةِ لِلتُّرَابْ
حمَلَ الحَقِيقَةَ نِصْفَ عَارِيَةٍ ، بَكَى
سَكَبَ البِلاَدَ بِمَاءِ عَيْنَيْهِ ،وَغَابْ
لاَ لَمْ يُعَلِّقْ نِصْفَ قَلْبِهِ مِثْلَ كُلِّ الرَّاحِلِينَ، عَلَى الجِدَارْ
تَرَكَ الحِجَارَةَ دُونَ رُوحٍ وَالعَرِيشَ بِدُونِ بَابْ
قَدْ قَالَ يَا أُمِّي اُعْبُرِينِي
وَاسْكُنِي جَسَدِي انْسِجِينِي بُرْنُسًا ، قَدِمَ الشِّتَاءْ
عَانَقْتُهُ…
ذَاتُ القَمِيصِ تَفَتَّقَتْ أَزْرَارُهُ وَ رَتَقْتُهَا
عَانَقْتُ بَحْرًا أَوْ سَمَاءْ!!
وَالزُّرْقَةُ الحَمْقَاءُ تَدْفَعُنِي ،
تُوَشْوِشُ لِلْمَدَى
” هَذَا عِنَاقُهُمَا المُؤَقَّتُ وَ الأَخِيرْ.. ”
أَيْلُولُ يَرْكُضُ عَارِيًا
أَرْضٌ تَعَرَّقَ خِصْرُهَا خَجَلاً
فَغَطَّتْهَا الغُيُومُ بِفَرْوِهَا
صَفْصَافَةٌ قَالَتْ تَعِبْتُ مِنَ الوُقُوفِ
ِ علَى الحيَادِ.. مِنَ الحَنينْ
كَمْ أَشْتَهِي جَسَدَ الرِّيَاحِ لِلَحْظَةٍ
دُونَ اللُّجُوءِ لِفِكْرَةِ الشَّرَفِ الرَّفِيعِ
كَعادَةِ الشَّجَرِ الحَزينْ
أُمٌّ تُرَتِّبُ بَيْتَهَا
تَضَعُ الغِطَاءَ قُبَالَةَ الشَّمْسِ
التِي فَضَّتْ بِكَارَتَهَا السُّحُبْ
وَالمِشْجَبُ القَرَوِيُّ ،
إِمَّا العَوِسَجُ البَرِّيُّ أَوْ كُومُ الحَطَبْ
كَانَ الفَتَى فِي مِثْلِ هَذَا الحُزْنِ يَرْنُو حَالِمًا
“” إِنْ أَمْطَرَتْ سَأَبِيعُ مَا فِي سَلَّةِ الأَسْرَارِ مِنْ خُبْزٍ
وَأَعْرُجُ بَاسِمًا
كَالأَنْبِيَاءْ..
وَسَأَخْتَفِي إِنْ مَرَّ بِي عُرْسٌ وَزَعْزَعَنِي الصَّدَى
لاَ لَمْ تَكُنْ (إِيتِيقَتِي) المُثْلَى : ثِيَابِي رَثَّةٌ
وَأَصَابِعِي..
دَوْمًا تُطِلُّ كَمَا الفِرَاخُ مِنَ الحِذَاءْ
وَسَأَشْتَرِي بُنًّا لِأَحْسُوَ قَهْوَةً….. كَالْآخَرِينْ
أَشْتَمُّ رِيحَ البُنِّ حِينَ أَمُرُّ مِنْ شُبَّاكِ جَارَتِنَا فَيُسْكِرُنِي الشَّذَا “”
كَمْ عَاشَ مَنْسِيًّا وَمَخْذُولاً
كَمِصْبَاحٍ تَهَشَّمَ فِي العَرَاءْ
لاَ لَمْ يَقُلْ أفٍّ
وَلَمْ يَنْهَرْ خُطُوطَ الحَظِّ فِي كَفِّ الطَّرِيقْ
ثَرْثَرْتُ طُولَ الوَقْتِ وَهْوَ يُقَلِّبُ الأَوْرَاقَ فْي قَلْبِ الحَقِيبَةِ هَائِمًا
حَدَّثْتُهُ عَنْ مَوْتِ جَارَتِنَا العَجُوزِ وَ عَنْ غُمُوضٍ قَدْ أَحَاطَ رَحِيلَهَا
حَدَّثْتُهُ عَنْ كُلِّ مَنْ رَحَلُوا
وَمَنْ تَرَكُوا المَنَازِلَ لِلْخَوَاءْ
عَنْ جُوعِنَا
عَنْ بُؤْسِنَا
عَنْ فَقْرِنَا …
حَمَّلْتُهُ مَا لاَ يُطِيقْ..
وَسَأَلْتُهُ مَاذَا سَيَغنمُ شَاعِرٌ مِنْ شِعْرِهِ؟؟
قَالَ “الطَّرِيقَ إِلَى القَصِيدَةِ” وَ” التَّعَبْ”
مَا نَحْنُ دُونَ الحُزْنِ يَا أُمِّي وَمَالْ..
” قَصْرِينُ” يَا بَلَدَ الرِّجَالْ
قَصْرٌ لِنُولَدَ بَاسِمِينَ وَحَالِمِينْ…
قَصْرٌ لِوَأْدِ الحُلْمِ فِي أَرْضِ المُحَالْ
يَا جَوْرَبَ الحُزْنِ اتَّسِعْ هَيَّا اتَّسِعْ
فَلَنَا قَصَائِدُ تَنْتَظِرْ..
وَلَنَا مَضَارِبُ لَمْ يَطَأْهَا الحَرْفُ
عَجِّلْ يَا رَفِيقْ
هَذِي البِلاَدُ كَغَيْرِهَا
لاَ خَيْلَ فِيهَا لاَ صَهِيلْ
فَافْتَحْ لَنَا مُدُنًا لِنَحْكُمَهَا بِشَرْعِ الحَرْفِ فِي اللَّيْلِ الطَّوِيلْ
مَا العُمْرُ دُونَكَ
مَا الحَيَاةُ
وَمَا الحَنِينْ ؟؟؟
يَا جَوْرَبَ الحُزْنِ اتَّسِعْ هَيَّا اتَّسِعْ
لاَ شَيْءَ أَجْمَلُ مِنْ عَوَاصِفِكَ المَهِيبَةِ وَ الطَّرِيقْ…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
** شمخاتُ = خادمة معبد عشتار.