أصل الحريرة، حقائق تنشر لأول مرة ، دراسة تحليلية أكاديمية :
مصطلح “حريرة” ليس من اللغة العربية كما كان شائعا عند الباحثين في اللغة، بل هو من اللغات الهندو-أوروبية القديمة، والكلمة أدخلت في اللغة العربية حوالي القرن العاشر الميلادي ونجد لها أثرا في جمهرة اللغة لابن دريد، بينما يذكرها ابن عبد ربه في العقد الفريد باسم ” الخريزة ” وهذا ما سأتناوله في حينه مع مصادر أخرى.
السياق التاريخي طبق الحريرة :
بالرجوع إلى العصر الروماني نجد أثرا لهذا الطبق المغربي التقليدي في الأطعمة التي أوصى بها القادة الرومان للجنود ومصارعي الأسود في شمال أفريقيا، وخاصة للمتدربين على القتال ومبارزة الوحوش الضارية المجلوبين من جبال الأطلس المغربية، التي شكلت في العصر الروماني أكبر مورد لتلك الحيوانات المفترسة، لإقامة احتفالات المبارزة الدموية في الكولوسيوم بروما وأرجاء أخرى من الإمبراطورية الرومانية، التي استعمرت العالم قديما وامتدت من حوض البحر الأبيض المتوسط حتى آسيا وأقصى بلاد البلقان تراسيا والجزر البريطانية وما يعرف بـ جدار هادريان والميس الذي طوق جزء من العالم. وإذا كان العنصر البشري الأمازيغي المغربي حاضر في هذه الأحداث كلها، لا سيما بتواجد الجنود المغاربة ضمن التشكيلة الرومانية في عهد الإمبراطور تراجان وخليفته هادريان، أي في القرن الأول والثاني الميلادي تحت قيادة القائد المغربي الأمازيغي لوسيوس كيتوس قائد الفيلق كتيبة ( إكس جيمينيا وتراجانيا )، والفيلق الخامس عشر الذي عبر الحدود الروسية في البلقان وما يعرف باسم حملة باب الحديد في الحروب الداسية Guerre Dacique ، والتي انتهت بانتصار عظيم للرومان وسقوط كل بلاد البلقان وضمها للإمبراطورية الرومانية، وهذا ما تؤرخ له مسلات روما الشهيرة المعروفة بملاحم تراجان العظيم ، فإن الجيش المغربي وقائده لوسيوس كيتوس سيسحب بعد نهاية الداسية إلى بلاد الشام، وسيصبح لوسيوس كيطوس الحاكم العسكري العام لفلسطين وسوريا والعراق، ولا يزال أثر التواجد المغربي يثير الجدل الكبير والغضب لدى دارسي المسائل اللاهوتية اليهودية والإسرائيليات عموما بما صار يصطلح عليه الإبادة الجماعية الأولى وتحطيم الهيكل، وهو موضوع نتجنب الخوض فيه حاليا.
لقد رشح تراجان العظيم لخلافته في قيادة الإمبراطورية الرومانية صديقه وقائد جيوش فيلق تراجان المغربي لوسيوس كيطوس، لكن المؤامرة التي حاكتها عائلة تراجان ومجموعة من أعضاء مجلس النواب الروماني لمنع لوسيوس كيطوس العظيم من الجلوس على عرش روما والدسائس التي قام بها المتطرفون الرومان بالتحالف مع القائد العسكري حاكم بريطانيا هادريان ابن عم تراجان، وعائلات ثرية لها مصالح عجلت بسقوط القائد لوسيوس كيطوس واتهامه بالخيانة العظمى مع مجموعة من الجنرالات الرومان الكبار الأوصياء على عرش الإمبراطورية الرومانية العظمى، وتم الحكم عليهم بالإعدام في روما وهو أمر لم يستسغه الشعب الروماني، الذي ثار على هادريان، ويذكر المؤرخ سالوست وغيره هذه الأحداث التي امتدت عبر مناطق مختلفة من الإمبراطورية الرومانية، وأكثر تلك الثورات حدثت في المغرب وشمال افريقيا من جبال الأطلس حتى نوميديا وعرفت بثورة، فلم يجد هادريان بد من مواجهتها شخصيا وحضر بنفسه إلى طنجة من أجل إخمادها، وعين حاكما جديدا للمنطقة وهو الحاكم العسكري الملقب بالأعرج le Pieux .
في كتابه الضخم يشير أبوكيوس الكلبي Apicius “وهو من الرواقيين دعاة المتعة المطلقة ” في دي كوكينيرا De Quoquinera ، الذي يعتبر حتى اليوم أكبر معجم للطبخ الروماني، كما نجد الإشارة الواضحة عند الشاعر اللاتيني الكبير جوفينال تحت مصطلح ” موليسيا “، كما هو الحال في إشارة واضحة أخرى عند المؤرخ الروماني سويطون في ذكره للجيتول سكان جبال الأطلس ونمط حياتهم ، ولا أستبعد وجود إشارة أخرى عند فيرجيل أب الأدب الروماني واللاتيني في مأدبة الفلاسفة والمعروف مأدبة المتصوفين، وهي أشهر إشارة واضحة يمكن الاعتماد عليها في أصل هذا النوع من الأطعمة، وإذا اعتبرنا أن المغاربة تواجدوا خلال الفترة من القرن الثاني الميلادي ضمن الجيوش الرومانية، وفي نفس المنطقة الحدودية مع آسيا، وضمن الذين أوصى لهم بتناول أطعمة تحافظ على صحتهم وتقوي عظامهم ( كما يوصي بذلك أبوكيوس وفيرجل في وصفة المحاربين ومقاتلي ومرودي الأسود )، واتخاذ تلك الوصفات في الحمية الطبية لمصارعي الأسود، كما نص عليها قانون المقاتلين طول مدة التدريب والتأهيل وأثناء الاشتباكات، فقد ترسخت في النمط الغذائي المغربي منذ القديم حتى وقتنا الحاضر، بل تكاد لم تتغير باستثناء إضافة الطماطم إليها، ومعروف أن الطماطم عنصر جديد في العالم أتى إلى حوض البحر الأبيض المتوسط بعد القرن الخامس عشر بواسطة البرتغاليين والإسبانيين بعد اكتشاف العالم الجديد والقارة الأمريكية، ضمن مجموعة من النباتات والخضروات والفواكه الجديدة، وهي الإضافة الوحيدة لهذا الطعام المغربي القديم الذي شكل لعصور وجبة عسكرية بامتياز للجنود والمصارعين والأبطال، و نجد هذه الوجبة بشكلها القديم في المطبخ الأمازيغي المغربي تحت أسماء ومصطلحات مختلفة كما نجدها في المطبخ الروماني تحت تصنيفات مختلفة، لا سيما الأطباق المخصصة للألعاب الرياضية، ومنها أطعمة محترفي مصارعة الأسود والحيوانات المفترسة. ويمكنني افتراض أن عمر الحريرة المغربية يعود إلى حوالي 2200 سنة حسب ما توصلت إليه من وثائق مدونة، ولا أستبعد أن ميلاد هذه الوجبة له ارتباط وثيق بالعنصر الأمازيغي المغربي الذي شكله تراجان بقيادة القائد المغربي الأمازيغي لوسيوس كيتوس العظيم، وكان جزءا من الكتيبة الخامسة عشر إكس جيمينا والفيلق المغربي تراجان. إن شوربة الحريرة /أسكيف تختزل تاريخا بطوليا مغربيا، والملفت للاهتمام أن هذا الطبق لا يوجد له شبيه في باقي دول العالم وفي المناطق المجاورة للمغرب. أي ما يمكن اعتباره بأنه طبق مغربي خاص بالمطبخ المغربي، ولا يشاركه في ذلك أي أحد، وهذا يترتب عليه أن المغاربة وحدهم لهم حقوق امتلاكه ووضع طلب تسجيله في المنظمات الدولية والمحلية، وخاصة منظمة اليونسكو لتسجيله تراثا عالميا (( وقد بدأت دراسة إجراءات ذلك بمجهودات فردية )).
إن الأحداث التي عاشها العالم وخاصة شمال إفريقيا والمغرب “موريتانيا الطنجية في العصر الروماني” بعد نهاية الحروب البونيقية وتحول روما من الجمهورية إلى الإمبراطورية، ثم نهاية الدمج بين الموريتانيين الطنجية والقيصرية، أي منذ زمن حرب وتسليم يوغرطا وما ترتب على ذلك من أحداث.
إن الحريرة أقدم من اسمها الحالي، بل هي أقدم طبخة مغربية موثقة في التاريخ وبالرجوع إلى الوثائق المتوفرة عندي فقد بدأ تحضيرها قبل 22 قرنا وربما قبل ذلك، لكن الوثائق المتوفرة عندي تشير إلى القرن الأول قبل الميلاد تماما في عصر الإمبراطور سايلا وحاكم موريتانيا الرومانية روتولوس روفوس وبعد نهاية الحرب البونيقية الثالثة ( وهذه الوصفة بالخصوص ذكرها أبكيوس الروماني ضمن كتاب الوجبات الرومانية في دي كوكيريا الشهير ) وقبل الانتقال من الجمهورية إلى الإمبراطورية وتتزامن بالضبط مع تواجد العناصر المغربية في التشكيلة العسكرية الرومانية من جهة، وانتشار صيد الوحوش الضارية في جبال الأطلس المغربية، وتدريب المصارعين المغاربة والأجانب لا سيما من الأسرى الداسيين والسلافيين المهزومين في الحروب الداسية، والذين أصبحوا وقودا للألعاب القتالية في المنتديات والسيرك والمجلوبين من مناطق مختلفة لمنازلة الضواري، والمنافسة الشرسة في المسارح الرومانية، واختراع نظام غذائي معين لهم، و في الشأن لا يزال الجدال قائما بين المؤرخين والباحثين القدماء والحديثين. على كل لن نتطفل على هذا التاريخ فهو مدون عند سالوست وغيره في تاريخ الحروب الرومانية. ومع ذلك سنشير إلى أن الظاهر أن في العصر الروماني بالضبط بدأ تناول هذا الطبق وانتشر هذا الطعام وهو في نفس الوقت رد على بعض الإخوة الذين علقوا على مقالة سابقة لي عن الحريرة ومنهم من اعتبرها وجبة شرقية وهذا خطأ، إن الوثيقتين اللتين بحوزتي وإحداهما للمؤرخ الشاعر اللاتيني الكبير ( جوفينال )، والثانية للفيلسوف (سويطون) تشيران إلى شعب الجيتول الذي يسكن جبال الأطلس، وإشارات عابرة أخرى في مراجع عديدة، وهي تسبق بقرن مرحلة تأسيس الفرقة المغربية إيكس جيمينيا بقيادة القائد الموري الكبير لوسيوس كيتوس قائد حملة تراجان العظيم في الحرب الداسية، حيث سيتم اتخاذها وجبة عسكرية.
أتمنى أن أخرج هذه الوثائق والمعلومات للنور ليطلع عليها جميع المهتمين بمجال الطبخ وتاريخ الطبخ المغربي، و لم لا حتى منظمة اليونسكو التي تهتم بالتراث. فقد أصبحت بعض الشركات العالمية وعابرات القارات تنتج وتصنع هذا الخليط وتسوقه تحت أسماء وعناوين جديدة، وللإشارة يوجد أطباق أخرى لا تزال تهيأ في مناطق مختلفة من المغرب وخاصة في جنوب المغرب وجبال الأطلس تشبه هذا الطبق، ومنها طعام الأيركمن الخاص برأس السنة الأمازيغية وأنواع من أسكيف، وتحت أسماء أدرنان وأركمين توجد مشتقات لهذا الطعام في النمط الغذائي المغربي الأمازيغي.
وتاريخ الطبخ المغربي الذي نحن بصدد قراءته ودراسته يخفي الكثير من الأسرار التاريخية، ويطرح العديد من الأسئلة سنحاول فك ألغازها.
تعريف بالحريرة المغربية : تختلف الحريرة المغربية عن ما أصبح يطلق عليه في الدول العربية المشرقية شوربة الحريرة، وهي عبارة عن ” تدويرة الحريرة المغربية لعقدها liaison فقط وبفضل تطور وسائط الإعلام والإنترنت فقد بتنا نرى أشكالا من الشربات المشرقية تأخذ الشكل المغربي شكلا ومضمونا، بل ذهب بعض الناشرين العرب على اعتبارها شرقية وعربية الأصل بدأت في الجزيرة العربية والخليج وانتقلت إلى المغرب وشمال إفريقيا، وهو أمر خاطئ لا تؤكده أية قرائن ولا مصادر أو مراجع، والظاهر أن الطريق من الشرق الأوسط إلى المغرب ضروري أن يمر عبر نهر النيل ومصر قبل الانتقال إلى ليبيا وصحراء فزان، أو عبر الطريق البحري من الإسكندرية. وعلى كل فهو طبق غير موجود نهائيا في دول العبور أكان في مصر وليبيا وبلدان الشرق الأوسط مما يدحض رأي هؤلاء القائلين بهذا الرأي. أما حججهم كون المصطلح ” حريرة ” فهو غير صحيح كذلك لأن هذه الكلمة غريبة عن اللغة العربية وتم إقحامها ضمن كلمات ومصطلحات أخرى في القرن التاسع والعاشر في أوج توسع المد الإسلامي في جهات العالم، من أجل إغناء اللغة العربية وعلومها وخاصة في العصر العباسي الأول، وهذا ما يشير إليه اللغويين العرب قديما بالدخيل والغريب، ونجد أن ابن دريد في جمهرة اللغة وغيره أشاروا كثيرا إلى هذه المسألة في الاقتباس من لغات أخرى لبلدان دخلت في الإسلام، لا سيما بلاد فارس وخراسان وبلدان من آسيا، و يبقى ابن عبد ربه صاحب العقد الفريد أكبر من وضح هذه المسألة في إشارة إلى كلمة ” خريزة ” التي هي شوربة أهل الجزيرة العربية، والتي كانت ترمز إلى كلمة نسب قبيلة يسب بها العرب بعضهم أي أنها كانت كلمة تستعمل للسب والهجاء قبل استبعادها واستبدالها بكلمة ” حريرة “. ونقرأ في العقد الفريد لابن عبد ربه : الخريزة “عن نص العقد الفريد لابن عبد ربه “
وقال معاوية للأحنف بن قيْس : أَخْبرني عن قول الشاعرِ :
.إذَا ما مات مَيْتٌ من تميم … وسرك أن يَعيش فجِيءْ بزادِ
.بخُبز أو بتَمْرِ أو بِسَمْنِ … أو الشيءِ المُلَفَفِ في البِجَاد
.تراه يَطُوف في الآفاقْ حِرْصاً … ليأكل رأس لُقمان بن عاد
.ما هذا الشيء الملفّف في البِجاد ؟
.قال الأحنف : السّخينة يا أميرَ المؤمنين .
.قال معاوية : واحدةٌ بأخرى والبادي أظلم
.- والسّخينة طعام كانت تعمله قريش من دقيق ،
.وهو الخَريزة ، فكانت تُسَبّ به ،
” لاحظ هنا قول ابن عبد ربه أن السخينة طعام يصنع من دقيق وهو الخريزة وليس الحريرة “.
وفيه يقول حسَّان بن ثابت :
.زَعمْت سَخينة أن ستَغْلِب رَبّها … وليُغْلِبنّ مُغالِب الغلابِ
. المصدر :العقد الفريد لابن عبد ربه .
إن كل المعاجم اللغوية والقواميس العربية تخلوا من كلمة (حريرة) بمعنى شوربة وحساء ، هناك فقط كلمة واحدة قريبة من هذه الكلمة وهي كلمة ( حرير ) وهو خيط تصنعه دودة القز، وكما هو معروف فهو يستعمل في صناعة قماش الحرير، ويدخل في الصناعة النسيجية وصناعة الثوب الفاخر الباهض الثمن، والفرق واضح بين الكلمتين في المعنى؛ فالمصطلح حرير يشير إلى القماش، ومصطلح حريرة يشير إلى حساء وشوربة أي إلى الطعام المغربي المعروف، ولا مجال للمقارنة بينهما .
والحريرة هي طبق ممتاز حيثما ووقتما وجدت، تؤكل من الفجر حتى أواخر الليل عند المغاربة، وهذا الحساء، يتكون من اللحم والحمص والعدس والطماطم والكرفس، هو جزء لا يتجزأ من تراثنا وتذوقنا للطعام بالنسبة للكثيرين هو طبق كامل، بل هو جزء من تراث المغرب منذ الوجود، ويرتبط تاريخ المغرب بتاريخ الحريرة. يتطلب إعداد الحريرة زمنا طويلا حوالي 90 دقيقة للحصول على مزيج من النكهات. المكونات لفائدة 10 أشخاص : – 250 غرام من خليط من القطنيات المجففة (الحمص العدس والفول) – 2 بصل مفروم – الحمص 100G – فرع الكرفس 100G (و”جذع”) – 100 غرام من خليط من البقدونس والكزبرة والكرفس يترك صلصة الطماطم – 3 الطماطم الطازجة، المبشور (أنا فقط فرك الطماطم (البندورة) على مبشرة كبيرة) – مربع 425g الطماطم، المبشور أيضا – 2 ملعقة طعام معجون الطماطم – زيت الزيتون 3 ملاعق طعام – 1 فلفل،
– 1 زنجبيل Tadouira تدويرة مصنوعة من الطحين والماء التي تستخدم لإعطاء سائل مخملي الحريرة. الكمية المستخدمة يعتمد على الدقيق المطلوب. -100 إلى 115 G الدقيق مع الماء في طنجرة نقلي جميع المكونات في 3 ملاعق كبيرة من الزيت لبضع دقائق. إضافة قليل من الملح، الزعفران القليل (أو الكركم الافتراضي للون)، والاستمرار في التحريك قبل تغطية المواد ب 2 ليتر من الماء، تغلق الطنجرة وتطهى على نار متوسطة الحرارة لمدة 45 دقيقة إلى 1 ساعة في نهاية 45 دقيقة، والتحقق من البقوليات الطهي. إذا كان مستوى الماء والقطاني منخفضة ويزال من الصعب، يضاف الماء ويطهى لمدة 15 دقيقة. يضاف خليط الطماطم ويطهى حوالي 20 دقيقة. ثم إضافة حفنة من الشعرية، يطهى لمدة 5 دقائق ثم يضاف التدويرة ويقلب جيدا الخليط لكي لا تشكل كريات العجين وكتل أخرى ويطهى مدة 5 دقائق أكثر.