“حوار مع الشاعر زيد الطهراوي بمناسبة صدور ديوانه الشعري القيم “حلم جريء” ” :
عرفت الساحة الأدبية العربية بالعموم والأردنية بالخصوص فورة كبيرة في مجال الاهتمام بالكتابة الشعرية سواء التقليدية أو المعاصرة، وقد برز في هذا المضمار الكثير من الأدباء الذين عطروا الساحة الثقافية بإسهاماتهم القيمة التي رسمت تطلعات وطموحات المثقف العربي الذي أصبح يعاني في زمننا من آثار الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أصبحت تحيط ببلداننا العربية والإسلامية.
يعتبر الأستاذ والشاعر الأردني زيد الطهراوي من كبار الشعراء والأدباء الذين زاوجوا بين الاهتمام بالشعر التقليدي وأغراضه، والشعر المعاصر وقضاياه، وممن ساهموا أيضا وبشكل كبير في تناول قضايا الوطن العربي وهموم وتطلعات مواطنيه، وذلك من خلال الإبداعات الشعرية التي ينشرها على صفحات الجرائد والمجلات المحلية والعربية، أو في دواوينه الشعرية المنشورة والمطبوعة.
إننا من خلال هذا الحوار القيم، نحاول رصد ملامح من حياة المؤلف العلمية والثقافية، وكذا نظرته إلى الواقع الثقافي والاجتماعي والسياسي لبلده والبلدان العربية الأخرى، وأهم القضايا الأدبية والثقافية التي يشتغل عليها، وجديده على الساحة الأدبية والعلمية. ومن أجل الإجابة عن هذه الأسئلة انطلقنا معه في حوار هادئ، فكان على الشكل التالي:
1: حدثنا عن مسيرتك الذاتية؟
يمكن أن يقال: كان الشعر في الحياة فالحياة مادة الشعر، وكان أيضا في الكتب؛ ذلك أنني كنت أقرأ الشعر في كتابي المدرسي وفي الصحف الورقية آنذاك وفي دواوين الشعر ولذلك تفتحت موهبتي في الثالثة عشر من عمري بما يسمى بشعر البدايات.
2: كيف كانت مسيرة أستاذنا العزيز ومن هم أبرز أساتذتك وشيوخك، سواء الذين درست عليهم، أو الذين تأثرت بهم؟
-الغريب في الأمر أن الكتاب كان مصباحي الذي رافقني في مرحلة الطفولة والشباب، فهو الصديق الذي لا تنتهي صداقته عند وقت محدد، وهو الأستاذ الذي يلازمك طيلة حياتك، واستنرت بآراء بعض النقاد الذين فتشوا عن المحاسن ليظهروها وهمسوا في أذني عن المساوئ لأتجنبها. أما أساتذتي فأول من أخذ بيدي في العلم الشرعي هو عالم الحديث الشيخ (أبو معاذ محمد العرميطي)، وعالم الفقه الشيخ (سمير مراد) الذي شجعني على الاهتمام بالشعر وأنه لا يتعارض مع الاهتمام بالشريعة، بل كان لدروس العلم الشرعي دورها في صقل الشعر وإن كان هذا بأسلوب غير مباشر، أما الشعر فكان لدراستي في المرحلة الثانوية الدور الأبرز في وضع بصري على أول خطوات الكتابة الجادة، والاهتمام بعدها بالتعلم الذاتي عن طريق كتب الشعر ونقده.
3: لماذا كتابة الشعر؟ وما هي أهم الأغراض التي تثير اهتمامك؟
لا أظن أن الشاعر يختار أن يكون شاعرا؛ مع أنني كنت مهتما بالنثر كاهتمامي بالشعر، ولكنني رأيت صعوبة إتقان العروض (أوزان الشعر)، وأن الكثيرين يبتعدون عن الشعر لعدم معرفة البحور الشعرية، فقررت أن أتخصص في ما أعرضوا عنه ؛ وأنا الآن أسعى لتعويض ما مضى من إهمال للنثر عن طريق المقال والخاطرة والقصيدة النثرية، ولكن لأسباب ليس هنا مجال بحثها لم يعرف عني إلا كوني شاعرا، أما الأغراض فأنا لا أسعى لوضع قائمة بالأغراض أسير عليها (كحب الوطن أو الرثاء أو الأخلاق) ولكن الشعر يأتي بالتفاعل مع موهبة الشاعر والحياة التي هي مادة الشعر كما أسلفت.
4: صدرت لك أستاذنا الكثير من الأعمال الأدبية والعلمية حبذا لو تحدث لنا عن بعضها:
الدواوين التي أصدرتها إلى الآن هي أربعة: (هتاف أنفاس)، و(سكوت)، و(سنديانة الأشواق)، والديوان الجديد هو (حلم جريء).
5: صدر لسيادتكم ديوان قيم بعنوان: “حلم جريء”، فحبذا لو تحدثتم لنا عن الجديد الذي سيقدمه على مستوى المضمون والإضافة العلمية والثقافية؟
قد أجد صعوبة في الحديث عن الذات، ولكن من قرأ الديوان من إخواني الشعراء والنقاد أكدوا أن الديوان يحتوي على تأملات وتحديات على مستوى الفرد والجماعة، مع عدم إغفال الجانب الروحي في النصوص بالاحتفاء بالتحليق فيما وراء المادة في عالم الغيبيات كالموت والنعيم الدائم.
6: كيف تقيمون واقع الحركة العلمية والثقافية والاجتماعية والصحفية في بلاد الأردن؟ وما هي الصعوبات التي يعاني منها المثقف الأردني؟
– الساحة الأردنية هي جزء من الوطن الممتد وهي بخير والحمد لله، وقد كان الأدباء يعانون من قلة النشر في الصحف والمجلات الورقية فقد كانت محدودة فكنت تجد أدباء يسجنون إبداعهم في أوراقهم الخاصة، أما الآن فقد أغنت وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية عن هذا كله وسهلت نشر نتاج المبدعين، فكلهم يستطيعون أن يبرزوا مواهبهم، وقد أدى هذا إلى امتزاج النهر بالبحر الكبير أي أن شعراء البلاد العربية مثلا أصبحوا وكأنهم شعراء بلد واحد، وقد يكون لهذا إيجابيات وسلبيات، فلا أرى صعوبات في الوقت الحالي أمام المثقف في نشر فكره وفنه.
7: كيف تنظرون إلى مستقبل الشعر العربي المعاصر؟
هذا السؤال يفضل أن يوجه إلى كل شاعر، فكل شاعر له معاناته وهو نسيج وحده، وبهذا نحفظ حق التميز الذي يضمن لنا التعدد والتنوع، فمستقبل الشعر هو طريق يكشف إصرار الشعراء على الاستمرار في عالم الجمال والالتزام، وهو أيضا يكشف العبء الذي ينوء تحت ثقله النقاد في إضاءة التجربة الشعرية وتنقيتها.
8: هل ترون أن هنالك تقاربا في الأغراض الشعرية التي يشتغل عليها كل من أدباء بلاد الأردن والمغرب؟ وما هو أبرز الاختلاف بينهما؟
قد يحتاج هذا إلى بحث للخروج بنظرة شمولية، ولكنني أظن أن تراثنا واحد وآمالنا واحدة مع فروق طفيفة.
9: ماذا تعني لك هذه الكلمات والاسماء:
° الأمة: مشاعر واحدة في قلوب كثيرة.
° النهضة: شريان يتدفق ولا يعرف المستحيل.
° فلسطين: طريق بعيد قريب.
° علال الفاسي: شاعر غاب ولم تغب مآثره.
10: كلمة أخيرة للأستاذ زيد الطهراوي لجريدة لاديبيش:
أشكر جهود الجريدة في بث الوعي والثقافة والفكر. والشكر موصول أيضا للأستاذ الباحث موسى المودن على هذا الحوار الشيق.
وأتمنى ونحن في العام الجديد أن نجهض كل ما يؤثر على الصفاء وأن نسهم في المحبة التي تروي ظمأ النفوس، وأن نتسابق في مضمار الإيثار والتسامح لبناء عالم أجمل.