كن متفائلا :
**********
ليست الحياة إلا عبارة عن أحزان وأكدار ومصائب وعوائق؛ لم يضع أبونا آدم عليه السلام قدمه على هذه البسيطة وإلا وقد أحاطه المنغصات والمحن إحاطة السوار بالمعصم، ولولا صمود جدنا آدم لما كان لنا وجود في هذه الأرض.
الإنسان القوي والطموح والهادف لا تعوقه الأحداث ولا تصرفه عن هدفه السامي العقبات والحواجز، بل هو دائم الاستعداد لمواجهة أي تحد يعصف بحياته وينال من كبريائه ويضعف همته ويقلل من طموحه؛ لأنه يعرف أن الحياة ليست إلا عبارة عن مفاجئات وكوارث وأحداث مريرة، فإذا استسلم لها وانقاد لكل ملمة تلم بحياته، فتكون حياته كلها عبارة عن حزن وهم وغم، وعندئذ لا يتقدم في شيء ولا يحصل على مبتغاه ولا يتسلق درجات التقدم والرقي، ويبقى رهين التشاؤم واليأس القاتل.
وعليه فإن الإنسان المتفائل والمتغلب على الأهوال وحوادث الدهر لا يهون ولا يستكين، بل يبقى صامدا أمام كل تحديات الحياة، ويتفاءل بأعماله وإنجازاته ومستقبله، فتصغر كبار الأعمال في عينيه، ويعيش حياته مليئة بالإنجاز والعطاء والإسهام في نشر الثقافة وإزالة العقبات والحواجز في طريقه.
الإنسان المتفائل يعرف أن البلوغ إلى المعالي لا تنال بالأماني والأحلام، وأنه لا بد من الجهد والإمعان والإقدام والإتقان، فلا يهدأ له بال ولا يعرف معنى للتعب والإرهاق، فيتجاوز العقبات ويصل إلى منشوده عاجلا أم آجلا، لأنه يعرف أن سنة الحياة أن ينال الإنسان مناه بالسعي، “وأن سعيه سوف يرى” الآية.
الإنسان المتفائل يتفاءل بإنجازاته ويوقن أنه بالغ هدفه، فيعمل ويتوسل بكل سبب ويتشبث بكل ما يفضي إلى رقيه وازدهاره، ثم يوكل النتيجة إلى الله مستيقنا أن الله لا يضيع أجره.
الإنسان المتفائل لا يقول لم يترك لي الأولون شيئا، بل شعاره دائما: كم ترك الأولون للآخرين، فيجتهد أن يكمل ما تركه الأولون وأن يتدارك ما فات الآخرين، فيسير على دربهم مستيقنا أن كل من سار على الدرب وصل.
إذن، كن متفائلا، وعش مع أحداث الدهر مسالما، واضرب بالتشاؤم عرض الحائط، واعلم أن الإسلام يدعو دائما إلى التفاؤل ويمنع من التشاؤم واليأس، لأنهما داعيان إلى الكفر والخروج عن الملة، “إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون” الآية.
واعلم أن الإنسان المتفائل هو الذي يثق بربه، ويحسن الظن به، ويحسن خدمة الخلق والمجتمع، بل ويحسن استغلال وقته في أعمال الخير، ولا ينظر إلى محن الحياة بالمنظار الأسود، ولا يرى الدنيا إلا بعين الرضى والتفاؤل.
واعلم أن التفاؤل يزيدك نضارة ورونقا، ويحببك إلى الناس ويقربك إلى الله، ويجعلك موضع ثقة ولسان صدق في الآخرين.
واعلم أن تلاوة القرآن باستمرار، وذكر الله تعالى في السر والعلن، والمواظبة على أداء الفرائض والواجبات، والالتزام بالسنن والنوافل، واجتناب كل ما نهى عنه الله يورث فيك الطمأنينة، والسكينة، وانشراح الصدر، والتفاؤل بالحياة، ويساعدك على التفكير الإيجابي البناء، ويجنبك الأفكار السلبية التي قد تحول بينك وبين أهدافك النبيلة.