حتى لا يقال عيب :
**************
حتى لا يقال عيب
أقول وأمشي على استحياء
فلو قلت كل القول
لصار القول وباء
ولاستعصى تشخيص الداء
وإيجاد الدواء
فالوضع خطير
والخوف قابع
في نفوس الرجال والنساء
” للقول حدود وخطوط حمراء”
هكذا قال لي معلمي
في حصة الإنشاء
حتى صرت أخشى من الخطوط كلها
وصرت أخشى من الغضب
ومن الاستياء
وصرت أخشى أن أبوح صباحا
وأندم عندما يأتي المساء
فلقد علمتني أمي
أن لليل عيون
وأن وقت النوم مقدس
وأن الكلام لا يجوز بعد صلاة العشاء
ولا يجوز في الصباح
ولا يجوز في المساء
ولا يجوز في الخلاء
وهذا باتفاق الأئمة الأربعة
وجمهور العلماء
لأن على باب البيت حارس
وعن يميننا حارس
وعن شمالنا حارس
وكل يحصي السيئات
قلت: وماذا عن حسناتنا؟
قالت: ليست لنا حسنات
لأننا نهوى الكلام
ونقلد صوت الببغاء
ونطمح أن نتكلم بكل ما نشاء
وقتما نشاء
وكيفما نشاء
فالحكمة في صمتنا
والصمت عقل ودهاء
انظري إلى حراسنا
وتأملي كم هم عقلاء
حارس يحرس أنفاسنا
يسهر على راحتنا
ويخشى علينا من تنفس الصعداء
وآخر من الغول يحرسنا
ومن كل الأهوال
ومن نزول أي بلاء
والثالث يحمينا من عقولنا
من أفكارنا، من حب الحرية والكبرياء
يحمينا من أنفسنا، من غضبنا
من همسنا،
من وسوسة صدورنا
من نمو عقولنا
يخشى علينا من كثرة الفطنة والفهم
كما معلم الإنشاء
يحرسنا من نباهتنا
ومن المبالغة في الذكاء
كبرت شيئا فشيئا
بمشيئة رب السماء
فاكتشفت أخيرا
أن أمي خدعتني
خدعتني أمي
فالغول يسكن معنا وفينا
ولم يكن أبدا
خارج البيت والفناء
والحارس ليس إلا خوفنا
وانبطاحنا
واستعذابنا للولاء