يرحل الإنسان
ويسافر الحلم
يغزو الزمن الأرقام
تتغير مجاري الأنهار
تنجرف الأماكن
يتبعثر جوهر المفاهيم
وأبقى أنا والذكريات
نساير مجرى نهرنا
لا نريد أن نزعجه ونثير غضبه
لا نريد أن نكون سبب انحرافه
نترك القضاء يأخذ بالنواصي
يتكفله ويأويه
نتقاسم الليل
نحتسيه كؤوسا مكسورة
وشمة الدهر مرسومة على محياها
معوجة نصب عليها البلاء
كؤوسا مرة تقتلني ومرة تحييني
ومرات تحيرني وأخرى تواسيني
وبين الحين والحين
يزورني النورس الذي لا يفارقني
يسألني عن كينونة أطيافي
ليتراجع معتبرا صهوتي
يدرك من جراء مذاق قهوتي
أنه لا داعي لجلد الأنوار
ولا مجال للحوار
يعلم أن الثابت لا يتحرك
أن كل شحنة تلد انفجار
أن الجرف مهب الانتظار
أن شكوى الحبر انكسار
أن الوجدان لا ينضج إلا بعد الاحتضار
أن الرأي إن أبديته بإخلاص انتحار
وثورة الحكمة في صمتها انتصار
أن الثابت يتحرك مع الأقدار
نتمعن معا محاورنا
ندرس كينونتنا
نتأمل العمق
حتى يحملنا الغبق
لنعانق أنوار الفلق
يا ذاك من تسكنني
لما سبيتني؟
ألضعفي وقلة حيلتي
أم لأنك الأدرى بطبيعة وجداني
أنت الأدرى بأن الفطرة لا تربكني
أن الفطرة هي من تربطني
أستحضر الطفل العنيد الذي يسكنني
فتتناثر أوراقي بشفافية
يقرأها كل عابر سبيل
يا ذاك، لماذا تستبيح دموع حنيني
التي تقتلني؟