مَنْ لَيالي العِشْقِ الباريسيّ – يحيى الشيخ

0
997


أَنْفَقْتُ لَيْلي كَــيْ أَفـــــوزَ بِوُدِّها،
عَبَثاً، لِماذا الحُبُّ يَـبْدَاُ كَالغَريبْ؟

قالَتْ: لَأَنْتَ حَديثُ عَهْدٍ، لَنْ تَرى
مِنّي وِداداً، أَنْتَ يا بِـئْسَ الحَبيبْ !

فَإِذا الثَّواني في عِراكِ حَديثِها،
ساعاتُ قَهْرٍ مِــنْ حَبيبٍ لا يُجيبْ

بِتْنا نُساوِمُ بَـعْضَنا بَعْضاً وَفـــي
بَطْني صُراخٌ لَيْسَ يُــشْفيهِ الطَّبيبْ

أَهْـفو إلى نيرانِها فَتَرُدُّني
رَدَّ الفَراشَةِ حينَ يُـحْرِقُها اللَّهيبْ

وَمَتى رَفَعْتُ يَدي أَفُكُّ حِزامَها
صَدَّتْ يَدَيَّ بِكَفِّها الرَّطْبِ الْخَضيبْ

وَالْقِطُّ حينَ يَموءُ وَهْيَ بِجانِبي،
فَزَعاً تَنِطُّ كَأَنَّما قِـطّي رَقيبْ

لَيْلي قَضَيْتُ، وَلَمْ أَنَلْ مِنْها الهَوى
يا لَلَّبوءَةِ كَـيْفَها لا تَـسْتَجيبْ ؟

تُسْقيكَ مِنْ ريقِ الـتَّوَدُّدِ رَشْفَةً
فَتَضيعُ مِنْكَ كُؤوسُها عِنْدَ الْمَغيبْ

عَــطَشاً أُراوِدُها فَتَخْنِقُ رَغْبَتي
لاءاتُها فَيَموتُ في صَدْري النَّحيبْ

وَعَــلى السَّريرِ، كَأَنَّما هِيَ جُثَّةٌ
مَقْرورَةٌ، كَحديدِ ثالوثِ الصَّليبْ

زَفَراتُها تَعْلو فَتَكْبُرُ لَوْعَتي
وَتَتيهُ كَالْأَنْغامِ في لَيْلي الْكَئيبْ

وَإِذا الصَّباحُ أَتى يُقاسِمُني الْجَفا
رَحَلَتْ مُعانِدَةً كَسُلْطانٍ مَهيبْ

أَبْكي، وَفي نَفْسي أَقولُ لها : بَلى،
وَاللهِ، إِنَّ غَداً لِناظِرِهِ قَريبْ!

بَيْنَ التَّوَدُّدِ والـتَّمَنُّعِ رِحْلَةٌ
أَبَداً تَطولُ كَمِحْنَةِ الزَّمَنِ الْعَصيبْ

تَعِبَ الغَرامُ وَلَيْلُنا، وَتَعِبْتُ مِنْ
باريسَ وَهْيَ تُذيقُني ما لا يَطيبْ

وَتَعِبْتُ مِنّي، وَالْقَصيدَةُ لَعْنَةٌ،
وَسَأَلْتُ شِعْري: هَلْ تَعِبْتَ، فَلا مُجيبْ!

وَتَعِبْتُ مِنْ تَعَبي وَمِنْ تَعَبِ اللِّقا،
وَمِـنَ اللِّقاءِ، وَمِنْ مَتاعِبَ لا تَغيبْ

هَذا الحَبيبُ، نهارُهُ وَمَساؤُهُ
وَمَجيئُهُ وَذَهابُهُ أَمْـرٌ عَجيبْ

يا لَيْتَهُ كانَ الغَرامُ حَقيقَةً،
حَتّى أُغَنّي لِلْهَوى كَالعَنْدَليبْ

فَلَعَلَّ رَبّاتِ الوِصالِ يُنِلْنَني
ما ضاعَ أَمْسِ، وَكُنْتُ أَحْسَبُهُ نَصيبْ!

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here