أعجب ما أتعجب له ومنه، أن يترك مواطن مغربي دواره أو قريته أو مدينته هربا من بؤس أحواله المعيشية، ويهاجرإلى إحدى البلدان الأوروبية التي تتصرف شعوبها وفق قواعد الأخلاق الديمقراطية، ويمضي في الاحتكاك اليومي بمجتمعات الاستقبال التي تحتضنه وتجاوره وتوفر له كل مقومات العيش الكريم والرعاية الاجتماعية والصحية، وتوفر حق التمدرس بالمجان لأطفاله، ويمضي صاحبنا عقودا كاملة في كنف دولة الحق والقانون. ورغم ذلك تراه لا يتأثر بشيء منها بل يكفر بكل ماهو محيط ومحاط به، ولا يتصرف وفق القواعد والأخلاق الديموقراطية في تصريف أبسط تفاصيل علاقاته بالآخرين، وتراه ينازع حتى في أحقية من يخالفه الرأي في حرية النقد والتعبير والاختيار الحر، والحق في الاختلاف وفي إبداء الرأي إلخ..!!
مأساة المهاجر المغربي أن هناك من له المصلحة في ألا يخطط لعملية الاستقرار الحقيقي ببلد الاستقبال، ولا يريد له أن يندمج اندماجا كاملا في محيطه الجديد، وألا يعير أهمية لعنصراللغة، والإحاطة بثقافة المجتمع الذي يعيش معه، وتأمين عمل يستطيع من خلاله مقاومة ظروف الغربة، بل هناك سعي لإغرائه بإمكانية تحصيل وظيفة بإحدي المجالس أو المؤسسات العمومية الموجهة لخدمة الجالية. لذلك ترى الكثيرين ممن ينجرون خلف سراب الاستفادة من الريع، يعيشون “رجل هنا ورجل لهيه” كما يقال، يعيشون على وقع انتظار الذي يأتي ولا يأتي، وعلى مساعدات الدولة التي تستضيفهم..
هذه الفئة من المهاجرين التي تنجرخلف مثل هذه الإغراءات، عادة ما تنتمي لشريحة الاتكاليين والفاشلين الذين يرون أن قدراتهم أدنى مما تتطلبه عروض الشغل التي تتناسب ومؤهلاتهم ومستوي تكوينهم، لذلك تراها تقبل على التجنيد ضمن طوابير اللوبيات وكاري حنكو وحياحا الطرائد، التي تشتغل لمصلحة هذه الجهة الحزبية، أو لجهة من الجهات المتنفذة التي تدفع، وتراها وهذا هو المضحك المبكي تغلف “شطحاتها” بغلافات الوطنية والروحية بغرض إضفاء القليل من المصداقية عليها حتى وإن كانت في العمق لا تروم غيرتحقيق المصلحة الذاتية الضيقية لتلك الطفيليات، التي لا تتورع ماكيافيليتها في استغلال وتسخير كل شيء ما دامت الغاية تبررالوسيلة.
وقد لاحظنا في الأيام الأخيرة وجود مجموعة من المهاجرين تقوم بوظيفة الذباب الإليكتروني، تتجسس على منشوراتنا بالفيسبوك التي نفضح فيها بعض أوجه الفساد المالي والإداري التي تعتري أداء المسؤولين عن مجلس الجالية في تدبيرهم للشان العام، وتعمل ما بوسعها للتشويش على أي ممن يجرؤ على انتقاد سلوكيات السيد عبد الله بوصوف من باب كونه شخصية عمومية تجيزالأخلاق الديموقراطية انتقادها، وانتقاد الوضعية القانونية والمالية والهيكلية الشاذة التي يوجد عليها مجلس الجالية في وصفته الراهنة..
والسؤال الذي توجهه عامة الجالية المغربية المقيمة بالخارج لتلك العناصر: هل تدافع عن نظافة يد الأمين العام لمجلس الجالية من منطلق يقينها التام أن لا وجود لأدني اختلالات تعتري أداء هذا الأخير، وخلو جريرته من أي أثر لسوء التدبير، سواء في تصريفه للسياسة الاستشارية أو في مجال صرف ميزانيات المجلس، أو في مجال تحقيق الأهداف المسطرة إن كانت هناك أهداف مسطرة أصلا؟ وإذا كانت هذه هي قناعاتها التي تبني عليها في صياغة موقفها المدافع عن نظافة يد الأمين العام، فهل تتوفر لديها محاضر اجتماع الجمعية العامة ومصادقتها على التقاريرالأدبية والمالية للمجلس؟ وهل بإمكان الجوقة السائرة في ركب الأمين العام أن تأتينا بما يبرئ ذمته في صرف الميزانيات المعتمدة للمجلس منذ تاريخ إحداثه بظهير ملكي، مرت على صدوره أزيد من ثلاثة عشر سنة ونيف، انفرد خلالها السيد عبد الله بوصوف بدور الآمر بالصرف؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثيرة والمتناسلة، هي التي ننتظر من جوقة المدافعين عن الأمين العام لمجلس الجالية أن تمتلك الشجاعة لأن تنشرالأجوبة الشافية عنها، مشفوعة بالأدلة والقرائن الثبوتية، سواء بمواقع الأحزاب الرسمية الصفراء المدجنة التي تدعي “النضال” في صفوفها، أو على حيطانها بالفيسبوك التي تعج بالهذيان والإسهال الكلامي، والمبارزات الدونكيشوطية؟؟..