مخاض تحول جذري ــ ذ. منير الزعبي

0
472

[ مخاض تحول جذري ]هل هو تأسيس لبنية حضارية للعقل العربي أم ماذا ؟ …

إن النظرة الاستقصائية النقدية لعالمنا اليوم تكشف عن أن العالم مع مطلع القرن الواحد والعشرين، أصبح ظاهرة فريدة جديدة غير مسبوقة ، ظاهرة حبلى بالتناقضات والنذر والبشائر ، وكذلك بتحولات نوعية في مسيرة تطور البشرية .
إننا نعيش مرحلة انتقال، أو لنقل مرحلة فراغ انتقالي من طور إلى طور .
هذه المرحلة هي ساحة تفاعل بين موروث قديم وبين جديد عميق على الطريق نحو طور نوعي جديد .
قد ضاعف من هذه الثورة الثقافية أنها اقترنت بتطورات علمية وتكنولوجية ، وكأنهما معا على موعد ، لتمتد الآثار إلى أبعاد الكوكب ، ولكي تنفذ إلى أعماق الوعي الإنساني ، وتضعان البشرية مع مستهل ثورة كونية في الفكر والثقافة والاتصال والعلوم .
انطلاقا من هذه المتغيرات ، يصبح إبحار الإنسان داخل فضاء توفره التقانيات الاتصالية الجديدة ، قادرا على أن يبخر مفهوم التجربة ، ليعود إلى تكثيفه بشكل آخر وفي مكان آخر . هذا يعني أن تلك التقنيات تمارس تأثيراتها على نوعية التجربة الاتصالية الإنسانية ، مانحة إياها فرصا تفوق التصور .
إن المتعامل مع هذه التقانيات الجديدة يصبح مسافرا رقميا وملاحا الكترونيا مدركا لأسفاره ، وربما غير مدرك تماما للتغير الذي يعتريه ، خلال السفر ، من تبدل بعمق بنياته المعرفية ومرجعياته الثقافية .
وهكذا فإن هذا المسافر الرقمي يعيش عالما يدور حوله دون أن يتحرك هو .
بدهي أيضا أن التغير الحاصل في عمليات إدراك الإنسان للفضاء والزمان نتيجة انخراطه في البنيات الاتصالية الجديدة ينعكس أيضا على عملية تشكيل وإعادة هويته ، فالتقانيات الجديدة يمكن أن تستخدم في الوقت نفسه ، لعزل الإنسان عن محيطه المادي القريب مع مرور الزمن وطول الاقتران ، وربطه بآخر بعيد ينشئ من خلاله علاقة تبادلية .
وبما أن الإنسان العربي خاض هذه التجربة الاتصالية ذات الطبيعة التفاعلية فإن ثمة أسئلة تطرح نفسها علينا :
* – أين يقف هذا الإنسان العربي ضمن هذا الذي يسود المجتمعات الإنسانية ؟
* – ماهو الدور الواجب فعله علينا في ظل هذا المجتمع المؤسس على التقنيات المعلوماتية الجديدة التي عولمت العالم ، كي نوصل أشعة جذوة المبادئ والقيم الإنسانية النبيلة إلى عقل وقلب الإنسان العربي خاصة وكيف ؟

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here