صحيح أن محمد فايد له خبرة بالتغذية والأعشاب، لكن مشكلته في الوثوقية الزائدة دون تجربة ولا دراسة علمية بعض الأحيان .
فيروس كورونا جديد، ولا يدخل في تخصص فايد، ولم يسبق للفيروس أن ظهر في شهر الصيام، فبأي تجربة توصل فايد إلى أن صيام رمضان سيقضي على كورونا؟
طبعا؛ لقد سمعته في حوار مع قناة جزائرية يضع لذلك شروطا يعرف أن الناس لن تلتزمها، ومنها تجنب المعلبات جميعها واللحوم بكل أنواعها طيلة رمضان !!!
صحيح أن المناعة تسهم في الشفاء من كورونا، وأن الأغذية الطبيعية تقوي المناعة، لكن هذا الفيروس الجديد قتل ذوي المناعة القوية وغيرهم، فالتعويل على المناعة وحدها -والتي يفترض حسب فايد أنها تتقوى بالصيام- خطأ جسيم، إذ صاحب المناعة القوية قد تكون لديه مشاكل على مستوى التنفس الذي هو باب كورونا للقتل .
على كل حال؛ فايد لم يدرس فيروس كورونا مخبريا، ولم يعالج مرضاه بالصوم، ولم يقم البرهان العلمي على أن الصوم لا يفاقم خطر الفيروس.. لذلك تكون وثوقيته الزائدة مجازفة .
سابقا؛ تكلم بوثوقية عن كون جميع المرضى بالسكري والقلب وغيرهم لا عذر لهم في الإفطار، وزعم أنه يتحمل موتهم في ذمته، ثم بعد سنوات تراجع وصار يوصي أصحاب بعض الأمراض بالاستفادة من رخصة الإفطار في رمضان !!!
إذاً؛ فقد تكلم أول الأمر عن عاطفة وحماس ديني لا أساس له من العلم والطب، فلماذا لا يكون هذه المرة كذلك؟!
في أحد “دروسه” نصح الناس باستخراج فرث الجمل وعصره وشرب عصارته !!!
والفرث هو ما يكون في بطن الذبيحة وليس هو الروث أي البراز (الغائط) كما أشاع بعضهم عن فايد تحريفا متعمدا أو لعدم التفرقة بين الفرث والروث .
لو كان فايد سليم التفكير العلمي، لتذكر أن الفرث وعصارته قد يشتمل على فيروسات وجراثيم ودود قاتل، ولتجنب تلك النصيحة الخطرة .
لقد بنى كلامه على أن الجمال لا تأكل إلا ما هو طاهر، ونسي أن البقر والغنم والمعز والإنسان حتى لا يأكلون أيضا إلا ما هو طاهر، فلماذا خص فرث الإبل دون فرث البقر مثلا؟!
وبناه كذلك على كون الناس قديما عصروا فرث الإبل وشربوا ماءه، ونسي أو تناسى أن ذلك كان يحدث في الصحراء عند العطش الشديد الموصل للموت، فكانوا يذبحون الجمل لاستخراج الماء من بطنه لإنقاذ أرواحهم .
فأين ذلك من عصرنا؟!
ثم إن المضطر قد يشرب أي شيء ولو ماء ملوثا ليحفظ حياته .
أما في حواره مع راديو مغربي من بلجيكا؛ فاستهان بكل منتقديه دون تمييز مستعملا كلاما سوقيا سبقته تدوينة على صفحته نعتهم فيها بالكلاب، وحاشى المتخصص في الطب أن يكون سوقيا .
ثم إنه زعم استعداده أن يناقشه العلماء والخبراء في كورونا من أمريكا وألمانيا وكندا..
وقبل ذلك صاح بأنه لم يقرأ كلام منتقديه لأنهم بعيدون عن مستواه وتخصصه فلا ينزل إليهم .
وبالمثل نقول: خبراء كورونا وعلماء الفيروسات مستواهم أعلى مليون مرة من فايد، وتخصصهم أعقد من تخصصه مليار مرة، وبالتالي لم يسمعوا به ولن يقرؤوا له ولن يردوا عليه، وإنما تركوه لمن هم في طبقته أو دونها، فإنهم لا يعترفون إلا بلغة العلم والأرقام الناتجة عن التجارب الكثيرة، والتحاليل المعقدة في مختبرات ومراكز بحث مشهود لها، وليس لديهم استعداد للاعتراف باحتمالات هائمة في الخيال .
نعترف لفايد بخبرته في البيطرة والزراعة والتغذية، ونندد باستغلاله الدين بشكل عاطفي مغامر، وننتظر نتائج المختصين في الفيروسات بشكل عام وكورونا بشكل خاص، ولا نستبق الأحداث .
وحين سمعت فايد قديما ينهى عن شراء الثلاجة ووضع الطعام بها، حينها شطبت على اسمه من لائحة الأسوياء !
للثلاجة مساوئ، لكن منافعها أعظم وأكبر وأعلى، فلا ينهى عنها إلا مختل أو مجازف يحب الزوابع .
ومن كان يرى كلام فايد علميا ناتجا عن دراسات موثقة، فليرم الثلاجة والأواني غير الطينية والمعلبات والتلفاز والويفي والهاتف.. فكل ذلك مما حذر منه فايد، وبذلك يرجع إلى العصر الحجري إذ لا وجود للمعادن !