مجلس الجالية في شخص أمينه العام د. عبد الله بوصوف يصر على أن يتعامل مع مغاربة العالم كهوية لم تتشكل إلا على يديه.
فبعد أن خرب الحقل الديني (إسبانيا وفرنسا كنموذجين)، ولا نريد أن نعود مرة أخرى إلى قصة جريدة إلموندو الإسبانية والتذكير ببيدق عبد الله بوصوف في قضيتها (نور الدين الزياني)، وكيف أحاطه برعايته ودعمه حتى بعد أن اتهمته السلطات الإسبانية بتهم خطيرة منها التطرف والترويج لفكر متشدد ذو أبعاد وتوجهات إرهابية، وتخريب العلاقات الإسبانية بدول خارجية لم تحددها، بل واعتبرته المخابرات الإسبانية خطرا على الأمن القومي للبلاد.
عبد الله بوصوف الذي خرب علاقة المغاربة المسلمين بفطرتهم، وهم المشهود لهم عالميا بسلوكهم سلوك الاعتدال في التدين منذ عشرات القرون، خرب الأمين العام لمجلس الجالية علاقتهم بالمسجد في إسبانيا، وجعل المؤسسات الأمنية في إسبانيا تشكك في مرجعيتهم الروحية وتنظر إليهم بمنظار الريبة والحذر، وحول الصلاة التي يؤدونها والدعاء الذي يرفعونه عقبها إلى مال يصب في حساباته الخارجية وتجارة يبيض من خلالها الميزانية التي خصصتها الدولة لمجلسه المتلاشي، فإذا هي تتراكم في حسابات سرية، ازدادت بشكل مهول بعدما أعلن بنفسه إصابته بمرض السرطان -نسأل الله له الشفاء منه- وكأن الرجل يريد أن يطمئن على مستقبل أولاده ولو بمال حرام وقد استشعر قرب أجله، ليس أجل منصبه الذي يتربع عليه بدون صفة شرعية دستورية، بل أجله من الدنيا ككل.
حسابات شخصية وحسابات تابعة لزوجته التي ذكرتها صحف إسبانية وعالمية بالاسم والصفة، ونشرت صورتها وصور شريكاتها بالألوان على صفحاتها، ابتدأت مع مشروع مسجد ستراسبورغ الذي فتح المجال لليمين الفرنسي والتيار الشعبوي، والذي أصبح بسوء إدارته للشأن الروحي -مع التأكيد على عدم اختصاصه واختصاص مجلسه أصلا به-، فأصبح اليمين الفرنسي يحاصر المغاربة الذين تأكد منذ سنوات من احترامهم الكامل لصيغة المواطنة الفرنسية وقوانين البلد ومبادئه، أصبح بتراكم جرائم المجلس وصاحبه يحاصرهم في مأكلهم ومشربهم وغرف نومهم، وكأن الزمان يسطر لنا من جديد فترة محاكم تفتيش فرنسية هذه المرة، فالرجل لا تضره أن تهوي سمعة الإسلام في أوروبا إلى الحضيض ما دامت أسهم مداخيله من الاختلاس والتهريب والتجارة بهذا الإسلام نفسه في ارتفاع.
شأن آخر لا علاقة لمجلس عبد الله بوصوف به لكنه يركب عليه، وهو المتخبط في صلاحيات ليست من صلاحياته، ألا وهو الإعلام. فبعد أن اشترى ذمم منابر إعلامية ومواقع لا ذمة لها أصلا (ونفتح قوس السؤال: من أي ميزانية دفع لها؟)، أصبح عبد الله بوصوف بعد تطبيعه مع كل عدو للأمة يركب على كل مجال واختصاص ليقول لنا أنه يفهم في كل شيء، رغم محدودية اطلاعه على عدة أمور نحسبها من اختصاصه المعرفي كمادة التاريخ الذي يزعم حصوله على شواهد عليا فيها، غير أن المتتبع لمقالاته في مواضيع شتى منها موضوع الصحراء المغربية مثلا، يلمس تواضع رؤيته للقضية، مغلفا جهله بها بالعودة إلى موقع “google” ليأخذ عنه إحصاءات كلمات معينة في خطابات ملكية، دون أن يعطي تصورا أو رؤيا واضحة في المسألة. فاستحضار رموز وطنية في طرحه المفبرك في نظره سيغطي على فقر التصور وشح التعمق في المفاهيم، وسيلجم كل معارض له عن نقده مباشرة، لم لا وهو يستحضر مواقف الملك في كل موضوع، ويحشره بين كل سطر وسطر!
ففي الوقت الذي تطلع فيه مغاربة العالم إلى دوره المفترض فيه أن يقوم به وهو المنصوص عليه دستوريا، نراه يتجه إلى محاولة الالتفاف على تطلعات أطر وكوادر مغاربة العالم الذي تم تهميشهم إعلاميا، من خلال قناة افتراضية “باهتة” تعتمد على وسائل بدائية متاحة للجميع وبالمجان، لا ترقى إلى مستوى قناة حقيقية، بحيث تعتمد على تسجيلات ولايفات وتطبيقات مجانية لم يجرؤ حتى مبتكروها على تسميتها قناة، لكن الرجل يسميها كذلك وهي عبارة عن «zoom» ليحلب المال من خزينة الدولة من جهة، ومن هبات وأعطيات مغاربة العالم تحت مسمى التبرع للمشروع الإعلامي “الرائد”. ولو كانت تلك التطبيقات ترقى إلى مستوى قنوات لكان صاحب موقع فايسبوك وتويتر و«zoom» وغيرهما سباقين إليها، لكنه حال الجائع حين يستغني بالمال غير الشرعي، فيرفل في النعمة الحرام بعد طول طي بطن.
أشد مكرا من ذلك، أن يوعز صاحب مكتب الجالية إلى بعض “إعلامييه” المبتدئين في عالم البث الحي نهارا والشات ليلا، وأقصد هنا أستاذ الرياضيات الذي أقحمه عبد الله بوصوف إقحاما في مشروعه الباهت، الأستاذ محمد الخمسي لوصف بل وتسويق مشروعه الباهت كما لو كان المشروع الإعلامي الأول من نوعه المتوجه إلى مغاربة العالم، وكأن المغاربة لم يرافقوا طوال سنوات هجرتهم قنوات تتوجه إليهم بالخطاب وبرامج تبرز وجوه المهجر، وكأن فكرة القناة نفسها من تنظير عقله العبقري وليست فكرة سطا عليها من مشاريع قدمها له مغاربة أبناء المجال، ولكن زيادة فضح من فضحه الله على رؤوس الأشهاد وآل بيته المقتفين صدى فضائحه ليس من شيمنا، كيف لا وكل تفاصيل الـ”CV المحترم” والموغل في “الصلاح” متوفر على مواقع البحث، تكفي نقرة زر للوصول إليه.