يقبل عدد من المغاربة خلال هذه الفترة من العام على بعض الأطعمة الشعبية، لمواجهة انخفاض درجة الحرارة، وتعتبر “البيصارة”، من أشهر الأطباق التي تلقى إقبالا كبيرا خلال فصل الشتاء بشكل خاص، في جميع مناطق المغرب، لاسيما في المناطق الجبلية التي تعرف بقساوة الطقس.
و”البيصارة” هي عبارة عن حساء يتكون غالبا من الفول المجفف وأحيانا من البازلاء اليابسة، حيث تضاف لواحد منهما كمية من زيت الزيتون وبعض التوابل كالكمون والثوم.
ملكة الأكل الشعبي:
“يواجه بعض المغاربة فصل الشتاء بالملابس الشتوية الصوفية، وأيضا بوجبات ساخنة تمد الجسم بالطاقة الضرورية والدفء من أجل التصدي للبرد القارس، خاصة في “الليالي” وفي المناطق التي تشهد أمطارا وثلوجا”، فهي جزء من الأطعمة الأساسية خلال فصل الشتاء في المغرب، وثمنها لا يتعدى 5 دراهم، وهناك من طلق عليها لقب “ملكة الأكل الشعبي”، لأنها تجمع بين الثمن المناسب والمذاق اللذيذ، الذي لا يمكن مقاومته، فهي محبوبة الجماهير، ولها شعبية كبيرة”.
ويلقى هذا الطبق الذي ينتشر بشكل كبير في الأحياء الشعبية، إقبالا كبيرا من لدن فقراء وأغنياء المغرب، غير أنه يعرف بشعبيته الأكبر وسط الفئات الفقيرة، نظرا لانخفاض سعره الذي لا يتجاوز خمسة دراهم للشخص الواحد، (حوالي نصف دولار). وتقدم “البيصارة” عادة ساخنة مع خبز قمح أو شعير.
إقبال كبير:
ويزداد الإقبال بشكل أكبر على هذا الحساء الساخن، خلال فصل الشتاء البارد، بينما يفضل المستهلكون المأكولات الخفيفة والعصائر البادرة في فصل الصيف.
ولتغطية الطلب المتزايد على “البيصارة” خلال هذه الفترة من السنة يقوم المغاربة بتحضير الفول المجفف، مع الحرص على وضعها في أواني من الطين قبل استهلاكها على سخونتها.
وبحكم الطابع السياحي للمغرب، يأتي السياح يقودهم فضولهم لاكتشاف مأكولات محلية وشعبية من ضمنها “البيصارة”، والتي أعجبوا بمذاقها الفريد، وأضحى بعضهم مدمنا على تناولها.
وتقدم “البيصارة” ساخنة في المطاعم المتخصصة في تقديم هذا الطبق الشعبي، مع خبز قمح أو شعير، قبل أن يضاف إليها قليل من زيت الزيتون والفلفل الحار والكمون.
تحضيرها في البيت:
تحضير “البيصارة” لا يقتصر فقط على المطاعم الشعبية، بل يتم إعدادها أيضا داخل المنازل لاسيما في فصل الشتاء، مع اختلاف بسيط في طريقة تحضيرها من منطقة إلى أخرى.
ربة منزل من الدار البيضاء تحضير “البيصارة” في بيتها، وتقول: “أفضل أن أعدها بنفسي في البيت، فطريقة تحضريها سهلة جدا، وغالبا ما يطلبها أبنائي كوجبة للعشاء في الليالي الباردة، كالتي نعيشها هذه الأيام”.
ويتطلب إعداد “البيصارة”، نصف كيلو من الفول اليابس الذي تضاف إليه بعض البهارات من كمون وملح وفلفل أحمر وأسود، إلى جانب الثوم وزيت الزيتون، حيث تطبخ كل هذه المكونات، مع الماء لمدة نصف ساعة ثم تطحن، وتعاد بعد ذلك إلى القِدر لتطبخ من جديد مع تحريكها بشكل مستمر، لمدة ربع ساعة قبل أن تصبح جاهزة للتقديم.
وهناك من يضيف بعض الخضار لمكونات “البيصارة”، كما أن هناك من يعوض زيت الزيتون بزيت الأركان حسب المناطق، إلا أن الفول يبقى المكون الرئيسي لهذا الطبق المشهور داخل المغرب.
فوائد غذائية:
وتحتوي “البيصارة” في تركيبتها على مواد غذائية ذات قيمة عالية، حسب أخصائيي التغذية، الذين ينصحون بتناولها طوال أيام السنة، وعدم الاقتصار فقط على استهلاكها خلال فصل الشتاء.
فالفول المجفف المستخدم في تحضير “البيصارة”، غني بالبروتينات النباتية والفيتامينات والسكريات، غير أنه يحتوي بشكل كبير على مادة البوتاسيوم الذي ينصح الأطباء مرضى القصور الكلوي بعدم الافراط في تناولها.
وهذا الطبق غني بالأملاح المعدنية مثل الفوسفور والحديد أيضا، وكما يحتوي الفلفل الحار الذي يشكل بدوره أحد مكوناته، على عنصري “الكابسيسين” و”البربرين” المساعدان على تدفئة الجسم، فيما يساعد الثوم على تقوية المناعة.