لماذا أمر الله تعالى بني إسرائيل بذبح بقرة دون سواها __ د. مولاي المهدي جواني

0
83
د. مولاي المهدي جواني

 

🌾 من عجائب القرآن العظيم الذي لا تنقضي عجائبه أبدا، الجواب الحكيم البليغ عن السؤال العميق الآتي:
لماذا أمر الله تعالى في كتابه الكريم بني إسرائيل بذبح بقرة لمعرفة القتيل الذي قتله ابن أخيه ليرثه في القصة المعروفة دون سواها من الحيوانات، فقال لكليمه الرسول موسى صلواتُ ربّنا عليه وعلى نبيّنا أفضل الصلاة وأزكى التَّسليم: { وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦۤ إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تَذۡبَحُوا۟ بَقَرَةࣰۖ }، السؤال جدُّ دقيق، أيها القَرَأَةُ الأفاضل، إذ ما السرُّ في الأمر بذبح بقرة دون غيرها، ولم يأمره مثلا بذبح شاةٍ أو نعجَةٍ أو تَيْسٍ أو كبشٍ أو جملٍ ونحوها من الحيوانات ذات اللَّحم الطيِّب الحلال الشهيّ؟!

🌾 والجواب على هذا السؤال البليغ يكمن في ملمَحٍ جليلٍ جِدًّا بلغ في الرقي العَقَدِي والسَّناء البلاغي والبهاء المقاصِدِيّ المَبْلَغ البهِي الذي يُبْرِزُ أنّ هذا القرآن فعلا وقطعا أنه { كِتَٰبٌ أُحْكِمَتْ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }.

🌾 ذلك أنَّ بني إسرائيل لمَّا عبدوا العِجْلَ الذَّهَبِيّ الذي اصطنعه السَّامِرِي، أراد سيّدنا موسى عليه أفضل الصلاة والسلام أن يُظهر ضعف هذا الإله العِجْلِيّ المزعوم في عقول بني إسرائيل، وأنه لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعا، فقام صلَّى الله عليه وسلَّم بتحريقه ونسفه في اليم نسفا فقال جلَّ وعلا على لسان سيّدنا موسى مخاطبا السَّامِرِي: { وَٱنظُرْ إِلَىٰٓ إِلَٰهِكَ ٱلَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُۥ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُۥ فِى ٱلْيَمِّ نَسْفًا }، إذ لو كان إلها حقًّا مُستَحِقّاً للعبادة صِدْقاً لدفع عن نفسه التحريق والنسف، وهو الأمر الذي ظهر خلافه فسقط مَزْعَمُ ألوهيّته الباطلة بشكل مادِيٍّ ملموس على أرضِ الواقع العَمَلِيِّ.

🌾 ثم لمّا كان العِجْل المعبود عندهم هو ابن البقرة، أراد ربّنا سبحانه أن يذبحوا أمّ إلهِهم المزعوم بأنفسهم حتّى يتبيّن لهم بشكلٍ مادِيٍّ مُجَرَّدٍ قاطع أن ولدها ليس بإله،
لا هو ولا أمّه التي خرج من أحشائها، فنسف الله تعالى فكرة ألوهية البقرة من جهة الأَصْل، ونسفها بتوفيقٍ منه سبحانه عبدُهُ ورسولُه موسى من أذهانِهم من جهة الفَرْع، إذِ العجل فرعٌ عن البقرة الأصل، كما أنَّ في ذلك نسفا في مستقبل الأيّام لألوهيتها في الهند التي تُعْبَدُ فيها ظُلْمًا وعُدْوانا إلى اليوم، وهذا يدلُّ على بعد نظرٍ غايةٍ في الحكمة المؤسَّسة على عظمة وجلال وحكمة وبلاغة كتاب الله الخالد.

🌾 وهنا نَثْنِي عِنان القلم ونُمسك 🌾.

💐 والله أعلم وأعظم وأعلى وأحكم جلّ في علاه 💐

 

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here