العَالَمُ المَجْنُونُ يَرْقُصُ ضَاحِكَاً // بِوَدَاعِ عَامٍ ضَاعَ مِنْ أَعْوَامِهِ
وَالنَّاسُ لَوْ عَقلُوا لَطَالَ بَكُاؤُهُمْ// نَدَمَاً عَلَى مَا ضَاعَ مِنْ أَيَّامِهِ
فِيمَ السُّرُورُ وَكَيْفَ يَغْمُرُ مُهْجَتِيْ // فَرَحٌ وَقَدْ عَانَيْتُ مِنْ آلامِهِ
وَقَضَيْتُهُ بَيْنَ التَأَسُّفِ وَالأَسَى // وَأَنَا رَهِينٌ فِيْ يَدَيْ آثَامِهِ
وَلَكَمْ يَئِسْتُ بِفَجْرِهِ وَلَكَمْ نَزَفْتُ بِقَيْظِهِ وَسَهِدْتُ وَسْطَ ظَلَامِهِ
قَالَ الرِّفَاقُ تَعَالَ نَسْعَدْ لَيْلَةً// فَالمَرْءُ يُفْطِرُ بَعْدَ طُولِ صِيَامِهِ
مَا عَاشَ فِيْ دُنْيَاهُ مَنْ هُوَ عَاشَهَا// مِنْ غَيْرِ مَزْجِ حَلَالِهِ بِحَرَامِهِ
يَا شَاعِرَ الأَحْزَانِ غَرِّدْ وَانْطَلِقْ// فَالعِيدُ يَدْعُونَا لِرَشْفِ مُدَامِهِ
وَالرَّوْضُ يَطْمَعُ أَنْ نُلِمَّ بِزَهْرِهِ// وَنَحلَّ أَضْيَافَاً عَلَى أَنْسَامِهِ
وَالبُلْبُلُ الشَّادِيْ يَوَدُّ لَوَ انَّنَا // نُصْغِيْ إِلَى التَّرْجِيعِ فِيْ أَنْغَامِهِ
وَالبَدْرُ يَنْظُرُ نَحْوَنَا وَكَأَنَّهُ// لَحْظُ الفَتَاةِ يَرَى فَتَى أَحْلَامِهِ
فِيمَ التَّرَدُّدُ حُلَّ قَلْبَكَ قَدْ شَكَا // مِنْ طُولِ مَا عَقَّدْتَ مِنْ إِحْرَامِهِ
فَقُمِ اسْقِ طَرْفَكَ مِنْ يَنَابِيعِ الهَوَى // فَالطَّرْفُ أَيْبَسَهُ لَهِيبُ أُوَامِهِ
فَأَجَبْتُهُمْ أَنْتُمْ لَكُمْ عِيدٌ أَتَى// أَلْقُوا السَّلامَ عَلَى رَقِيقِ سَلَامِهِ
وَاسْتَقْبِلُوهُ بِمَا يَلِيقُ بِمَجْدِهِ// وَلْتَبْلُغُوا الغَاياتِ فِيْ إِكْرَامِهِ
أَمَّا أَنَا فَالعِيدُ عِنْدِيْ غَيْرُ ذَا // هُوَ حِينَ يَجْنِيْ القَلْبُ بَعْضَ مَرَامِهِ
لَمَّا أَرَى الأَقْصَى الأَسِيرَ مُحَرَّرَاً// وَشَفْتْهُ كَفُّ النَّصْرِ مِنْ أَسْقَامِهِ
وَأَرَى بَنِيْ وَطَنِيْ تَجَمَّعَ َشَمْلُهُم// وَاسْتَيْقَظَ الغَافُونَ مِنْ نُوّامِهِ
وَثَبُوا عَلَى أَصْنَامِهِ بِفُؤُوسِهِمْ// فَأَتَتْ عَلَى مَا كَانَ مِنْ أَصْنَامِهِ
وَالوَحْدَةُ الكُبْرَى تُزَينُ وَجْهَهُ// وَالأَرْضُ تَنْهَلُ مِنْ سَنَا إِسْلَامِهِ