في ضيافة عبد الله بوصوف، من ذكريات معرض الكتاب 18 – أحمد حضراوي

0
337

لم يأل أحمد سيراج نائب رئيس أمين عام مجلس الجالية حينها وسيلة لإعادة تجميل وجهه ووجه من يقف وراءه وقد أدرك -وأدركوا- أن كل تعاملهم المختلف مع كل شخص منا لم يؤت أُكله ولم يعط نتيجة. حاول إما شخصيا أو من خلال سكرتيرته -الخاصة- أن يطبق علينا أستاذتيه ويستعرض علينا للمرة الألف رؤية بوصوف “الحكيمة” للمجال الثقافي الخاص بمغاربة العالم، ما يجوز وما لا يجوز، واقعه وما كان يمكن أن يكون عليه، مع إحالتنا إلى “مسنده” أقصد كتابه الذي نسبه إلى نفسه عن الإسلام والمشترك الإنساني، الذي لم يفتأ أن يتحدث عنه كل مرة وكأنه إنجيل برنابار المفقود الذي تم استخراجه من بين رفوف الفاتيكان، أو مخطوط من مخطوطات جماعة قمران القديمة، الذي يضم بين صفحاته -حسب سيراج- النموذج الأمثل للتدين ليس فقط لمغاربة الخارج، بل وكل العرب والمسلمين المقيمين بالخارج، ويضم أصول التفكير والإبداع ومنطلقات الابتكار.
ما استفزني من هذا الكلام المرسل على عواهنه بدون مناسبة، هو أن يحدثني في الشأن الروحي من كان حتى وهو يخطب في سمعنا بمواعظه وتنظيراته الأفلاطونية، لم يتدارك أن يستاك -وهي سنة حميدة- حتى يزيل عن فمه بقايا جرعات الجعة التي اختلس رشفها في غفلة من الحاضرين، لم يستطع حتى الصبر عليها مدة أمسية شعرية، أخفاها خلف طاولة الاستقبال بمدخل القاعة، كان يعود إليها كل حين حتى يروق مزاجه لتنظيراته ومواعظه ونصائحه وتوجيهاته التي لا تنقطع، حين ينتهي من مغازلة نجمات السهرة.
عدت متعبا لأضع رأسي على وسادتي بعدما استأذنت أصدقائي وقد بلغ مني التعب مبلغه، كنا مرهقين جميعنا رغم أن سكرتيرة سيراج الحسناء لم ترد أن تتركنا، فقد اختارت ذلك الميقات لتعيد اجترار ما قيل لنا منذ وصلنا هذا المكان، ابتداء من بوصوف وآل بوصوف، حتى سيراج ومحيط سيراج، إلى آخر سلم المجلس، فالكل منفتحة نفسه على تقديم الوعظ والإرشاد لمغاربة العالم خاصة شعراءه المفلسين.
وصلتنا الرسائل المبيتة كرابطة كما وصلتنا فرادى، لقد ارتكبنا الخطيئة التي لا يمكن أن يغتفرها لنا عبد الله بوصوف، منذ إصراري الأول عليه حين اتصل بي نائبه أحمد سيراج، ورفضت أن ألبي دعوتهما كفرد حتى لا يتمكنا من اختلاق مشاكل لي في نشاطي الأدبي ببروكسل وأنا في غنى عنه، حين أصررت على استضافتي كرابطة بكل ممثلي فروعها في أوروبا وقد أجبرتهما على ذلك، رغم مناورات بوصوف العديدة التي تمثلت خاصة في التشكيك تارة في أحد أفراد الرابطة أو محاولة الاستفسار المريب عن ميولات وتوجهات آخر تارة أخرى، وما شابه من هذا التعامل الأمني الذي يقوم به المخبرون المبتدئون، كنت أجيب دائما عليها بــ:”الله أعلم، لديكم كل وسائل التواصل مع الشخص المعني، هاتف، إيميل، موقعه على شبكة التواصل الاجتماعي، وهو الأولى بالرد على جميع تساؤلاتكم”. وكنت أقفل الموضوع دائما باستعدادي لتحمل مسؤولية أي طارئ يخص الرابطة باعتباري رئيسها.
لكن ما حدث كان هو العكس تماما، لم يحدث أي طارئ من جانبنا ولو بسيطا، ولم يقم أعضاء الرابطة إلا بتمثيل أنفسهم والرابطة بل ونخبة متميزة من مثقفي المهجر خير تمثيل، أدبا وأخلاقا وانفتاحا، وإبداعا وفكرا وطرح رؤى.، وقد شهد لهم الجميع بالتميز والكفاءة، والاختلاف عمن سبقهم إلى مثل هذه المناسبة، لكنهم استثنوا من كل تعامل يليق بهم، فكان كل هم بوصوف وبطانته حتى قبل أن يغادروا إلى بلدان إقامتهم، هو محاولاته المتكررة لشق صفهم.
مشروع رائع ذلك الذي تتبناه عمليا مؤسسة مجلس الجالية في شخص أمينها العام ونائبه وآلهما، -دعك من الكلام المنمق الذي يرصعون به تنظيراتهم في الدين والدنيا-، تركيع النخبة المثقفة المهاجرة لترتبط بأمينها ارتباطا شخصيا لا غير، تتلقى أوامرها منه مباشره لتقول له فقط: “نعام السِّي”، مقابل الاعتراف لها بمشاريعها الإبداعبة والفكرية بأوروبا، التي تتلقى عليها ليس الدعم كما يشيعه المجلس، بل ثمن الخنوع وخدمة المشاريع السرية خاصة الحمراء منها.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here