إن من الحكمة في أيامنا، أن يكون لك أثر في كل مكان لك وجود فيه، ولا بد أن تكون ممن يستغلون الفرص استغلالا أمثل، تلكم الفرص التي غفل عنها الكثيرون، فرص تنجينا من صدمات الدنيا ولوثاتها، فكم من شخص فاقد للذات ولذات دنيوية وأخروية، فهناك من يمكث ساعات أمام لعبة أو فيلم أو غيره؛ ويتقاعص أمام خمس دقائق صلاة خلق من أجلها، وكم من نائم على الهواتف من ألعاب ودردشات؛ ومتثاقل من دقيقة صلة رحم لا أكثر، وكم من لاهٍ بين سفر للاستجمام وبين سهر ولهو؛ وهناك أخت أو عمة أو خالة هي أحق وأولى! فمتى ندرك حقيقة وجودنا، ومتى ندرك عظم وأجر العبادة بكل أشكالها، فيقول ربنا: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، فالعبادة ليست مقتصرة على الصلاة والصيام فقط، بل كل عمل خير عبادة، وكل دقيقة تحقق فيها صلة هي عبادة، فمن الابتسامة في وجه أخيك وإماطة الأذى عن الطريق إلى الصلاة والحج؛ كلها عبادة.
فاحذر كل الحذر من أن تستصغر عملا أو معروفا، واعلم أن أقل القليل من الخير؛ هو عند الله أكثر من الكثير عندك، وإن كنت تريد أن تعرف، هل وضعت بصمة خير تنجيك في الدارين، فاعلم أنه إن كنت أنت ممن إن غاب أو رحل ترك فراغا لا يعبئه سوى أنت، فتكون بذلك قد وضعت بصمتك، وإن كنت ممن إن غاب ذكره الناس، فإن كان مريضا عادوه، وإن كان مسافرا ثم عاد زاروه وهنأوه، فتكون بذلك قد وضعت بصمتك، وإن كنت.. وإن كنت.. وإن كنت.. فضع بصمتك، فلا تدري أي بصمة تدخلك الجنة.