أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
هَا هِيَ نَسَائِمُ الرَّبِيعِ
أَخَذَتْ تَتَوَدَّدُ إِلَيَّ لِأَشُمَّ عِطْرَهَا
لِأَقْطِفَ وَرْدَهَا لِأَشْدو مَعَ طَيْرِهَا
وَأَنْتِ سَتَرْحَلِينَ
لِتَحُلَّ الشَمْسُ مَكَانَكِ، وَشُعَاعُهَا
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
لَوْ كَانَ الْأَمْرِ بِيَدِي
لَزَرَعْتُ الصَّحاري وُروداً
وَكُلَّ البِحارِ عُطورَا
لِتَموتي غَيْظاً وَأَسْحَقَ كِبْرِيائَكِ
وَأَشْدُو لِلْكَوْنِ قَصِيدَة
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ الْعَنِيدَة
إِذَا حَجَبْتِ عَنِّي الهَوَاء
وَزُرْقَةَ الْفَضَاء
وَلَوْنَ السَّمَاء
سَأَتَنَفَّسُ حِكْمَةَ الشُّعَراء
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
أَعْرِفُكِ أَنَّكِ مُزَيَّفَةٌ
أَتَيْتِ مِنْ بَعِيد
لِتَسْرِقي مِنَّا المَطَرْ فَارْحَلِي بَعِيداً
عَنْ حَدائِقِ مَرابِعِنا
وَاتْرُكي لَنَا المَاءَ وَالزّهَر
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
لِماذا أَنْتِ هَكَذا مُلَبَّدَة؟
لَمْ أَجِدْ لَكِ لاَ رَأْساً وَلاَ ذَنَباً
وَلَمْ أَجِدْ لَكِ آذاناً تَسْمَعِينَ بِهَا
نِداءاتي المُؤَدَّبَة
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
رَغْماً عَنْكِ تَجُرُّكِ الرِّياح
لِتَصُبِّي لَنا الدُّموع
أَمَّا أَنَا فَتَذْهَبُ بِي الأَيَّامُ
إِلى مُسْتَقَرّي الأَبَدِي،
لِأَرْتاح
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
أَخْبِريني هَلْ مَا سَمِعْتُه صَحِيحا؟!
فَوَظائِفُ البَشَرِ لَنْ تَبْقَى لَهَا بَاقِيَة
بِالتَّطْبيقاتِ الذَّكِيَّة
فَهَلْ هِيَ مَنْ سَتَحْكي لي أُقْصوصَة
أَوْ قَصِيدَةً شِعْرِيَّة؟
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
اتْرُكي لي بُقَعاً في السَّماء
لِأَتَنَفَّسَ مِنْهَا
أَوْ أُطِلَّ مِنْهَا عَلَى القَمَر
حِينَ يُغازِلُ الشَّمْسَ
وَالنُّجوم
أَوْ يُرْسِلُ الضِّياء
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
اِنْتَظِريني سَأَصْعَدُ إِلَيْكِ
لِأَدُوسَكِ بِقَدَمَيَّ
وَلَكِنَّها لَن تَجِدْكِ صَلْبَةً بِما يَكْفي
لِتَسْتَقِرَّا عَلَيْكِ
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
لِماذا سَرقْتِ مني النَّجْماتِ
الَّتي اسْتَأْمَنْتُكِ عَلَيْهَا
وَقِطَع القَمَر؟
سَوْفَ لَنْ أَرَاكِ،
لَقَدْ حَجَبْتُ عَيْنيّ عَنْكِ
فَلَنْ تَريني
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
لِماذا تَتَعالَيْنَ في الأَعالِي فَتَعَالِي
لِنُشْبِهُ بَعْضَنَا
فَأَنْتِ رَمادِيَّةٌ
وَأَنَا مِمَّا تَبَقى مِنْ رَمادِ الأَرْضِ
وَلَكِنَّكِ تَتَمَنَّعِين
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
اَلعَصِيَّةُ عَلَى الأَفْهَام
لاَ تَجْعَلِي لَيْلِي قَارِساً
وَصَبَاحِي صَقِيعاً
أَنْفُخُ فِي كَفَيَّ الذَّابِلَتَيْنِ
لِتَقْوَياَ عَلَى حَمْلِ أَقْلاَمِي
القَصَبِيَّةَ الْمُلَوَّنَة
لِأَرْسُمَكِ..
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
اِيَّاكِ فِي الصَّبَاح
أَنْ تَحْجُبِي عَنِّي ضِيَاءَ الشَّمْسِ
وعُيُونَهَا بَعْدَ الفَجْر
وَاِلاَّ، حَرمْتُ أَمْطَارَكِ عَلى رَأْسِي
بِمظَلاَّت مِنْ وَرَقِ الشَّجَر
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
كَرِهْتُ عِنَادَكِ
رُبَّمَا يَوْماً سَأَمْسَحُ
وَجْهَ السَّمَاءِ مِنْكِ
وَلَنْ تَسْتَطِيعينَ
السِّباحَةَ بعدها أَوِ السِّيَاحَةَ فِيها
اِلاَّ بِرُخْصَةٍ مِنَ الشَّمْس
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
كُفِّي قَليلاً عَنِ البُكَاء
فَطِفْلي الصّغير
بِلا لِباسِ وَلاَ حِذاء
يَرْتَعِدُ مِنَ البَرد
تَحْتَ سَقْفِ القَصْديرِ المَثْقُوب بِلاَ غِطاء
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
إيَّاكِ أَنْ تَلْمَسَ يَدُكِ يَدايْ
فَبَعْدَ الرَّبيع
شَقَقْتُ صَدْرِي
وَوَضَعْتُ فِيهِ ثَلْجاً مُجَفَّفَا
فَلَنْ تُغْريني مَرَّةً أُخْرَى
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
اِمْتَصِّي مَا شِئْتِ مِنْ فَرَحِنَا
وَحَنانِ قُلوبِنَا
وَاتْرُكي لَنَا زُرْقَةَ السَّمَاء
وَخُضْرَةَ الأَرْض
وَصَحْنَ عَدَسٍ وَقِطْعَةَ خُبْزٍ
وَسُكَّر لِصِغارِنا..