سحب عنيدة – محمد الحراق

0
999
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 هَا هِيَ نَسَائِمُ الرَّبِيعِ
أَخَذَتْ تَتَوَدَّدُ إِلَيَّ لِأَشُمَّ عِطْرَهَا
 لِأَقْطِفَ وَرْدَهَا لِأَشْدو مَعَ طَيْرِهَا
 وَأَنْتِ سَتَرْحَلِينَ
 لِتَحُلَّ الشَمْسُ مَكَانَكِ، وَشُعَاعُهَا
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 لَوْ كَانَ الْأَمْرِ بِيَدِي
 لَزَرَعْتُ الصَّحاري وُروداً
 وَكُلَّ البِحارِ عُطورَا
لِتَموتي غَيْظاً وَأَسْحَقَ كِبْرِيائَكِ
 وَأَشْدُو لِلْكَوْنِ قَصِيدَة
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ الْعَنِيدَة                                        
إِذَا حَجَبْتِ عَنِّي الهَوَاء
وَزُرْقَةَ الْفَضَاء
 وَلَوْنَ السَّمَاء
سَأَتَنَفَّسُ حِكْمَةَ الشُّعَراء
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 أَعْرِفُكِ أَنَّكِ مُزَيَّفَةٌ
 أَتَيْتِ مِنْ بَعِيد 
لِتَسْرِقي مِنَّا المَطَرْ فَارْحَلِي بَعِيداً
عَنْ حَدائِقِ مَرابِعِنا
وَاتْرُكي لَنَا المَاءَ وَالزّهَر
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 لِماذا أَنْتِ هَكَذا مُلَبَّدَة؟
 لَمْ أَجِدْ لَكِ لاَ رَأْساً وَلاَ ذَنَباً
 وَلَمْ أَجِدْ لَكِ آذاناً  تَسْمَعِينَ بِهَا
 نِداءاتي المُؤَدَّبَة
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 رَغْماً عَنْكِ تَجُرُّكِ الرِّياح
 لِتَصُبِّي لَنا الدُّموع
 أَمَّا أَنَا فَتَذْهَبُ بِي الأَيَّامُ
 إِلى مُسْتَقَرّي الأَبَدِي،
لِأَرْتاح
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 أَخْبِريني هَلْ مَا سَمِعْتُه صَحِيحا؟!  
فَوَظائِفُ البَشَرِ لَنْ تَبْقَى لَهَا بَاقِيَة
 بِالتَّطْبيقاتِ الذَّكِيَّة
 فَهَلْ هِيَ  مَنْ سَتَحْكي لي أُقْصوصَة
أَوْ قَصِيدَةً شِعْرِيَّة؟
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 اتْرُكي لي بُقَعاً في السَّماء
لِأَتَنَفَّسَ مِنْهَا
 أَوْ أُطِلَّ مِنْهَا عَلَى القَمَر
حِينَ يُغازِلُ الشَّمْسَ   
 وَالنُّجوم
 أَوْ يُرْسِلُ الضِّياء
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 اِنْتَظِريني سَأَصْعَدُ إِلَيْكِ
 لِأَدُوسَكِ بِقَدَمَيَّ
 وَلَكِنَّها لَن تَجِدْكِ صَلْبَةً بِما يَكْفي
 لِتَسْتَقِرَّا عَلَيْكِ
***  
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 لِماذا سَرقْتِ مني النَّجْماتِ
 الَّتي اسْتَأْمَنْتُكِ عَلَيْهَا
وَقِطَع القَمَر؟
سَوْفَ لَنْ أَرَاكِ،
لَقَدْ حَجَبْتُ عَيْنيّ عَنْكِ
فَلَنْ تَريني
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
لِماذا تَتَعالَيْنَ في الأَعالِي فَتَعَالِي
لِنُشْبِهُ بَعْضَنَا
فَأَنْتِ رَمادِيَّةٌ
وَأَنَا مِمَّا تَبَقى مِنْ رَمادِ الأَرْضِ
 وَلَكِنَّكِ تَتَمَنَّعِين
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
اَلعَصِيَّةُ عَلَى الأَفْهَام
لاَ تَجْعَلِي لَيْلِي قَارِساً
 وَصَبَاحِي صَقِيعاً
 أَنْفُخُ فِي كَفَيَّ الذَّابِلَتَيْنِ
 لِتَقْوَياَ عَلَى حَمْلِ أَقْلاَمِي
القَصَبِيَّةَ الْمُلَوَّنَة
  لِأَرْسُمَكِ..
***
أَيَّتُهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 اِيَّاكِ فِي الصَّبَاح
أَنْ تَحْجُبِي عَنِّي ضِيَاءَ الشَّمْسِ
 وعُيُونَهَا بَعْدَ الفَجْر
 وَاِلاَّ، حَرمْتُ أَمْطَارَكِ عَلى رَأْسِي
 بِمظَلاَّت مِنْ وَرَقِ الشَّجَر
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 كَرِهْتُ عِنَادَكِ  
رُبَّمَا يَوْماً سَأَمْسَحُ 
وَجْهَ السَّمَاءِ مِنْكِ
وَلَنْ تَسْتَطِيعينَ
السِّباحَةَ بعدها أَوِ السِّيَاحَةَ فِيها
اِلاَّ بِرُخْصَةٍ مِنَ الشَّمْس
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
كُفِّي قَليلاً عَنِ البُكَاء
 فَطِفْلي الصّغير
 بِلا لِباسِ وَلاَ حِذاء
 يَرْتَعِدُ مِنَ البَرد
 تَحْتَ سَقْفِ القَصْديرِ المَثْقُوب بِلاَ غِطاء
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
إيَّاكِ أَنْ تَلْمَسَ يَدُكِ يَدايْ
فَبَعْدَ الرَّبيع
 شَقَقْتُ صَدْرِي
 وَوَضَعْتُ فِيهِ ثَلْجاً مُجَفَّفَا
فَلَنْ تُغْريني مَرَّةً أُخْرَى
***
أَيَّتهَا السُّحُبُ العَنِيدَة
 اِمْتَصِّي مَا شِئْتِ مِنْ فَرَحِنَا
وَحَنانِ قُلوبِنَا
وَاتْرُكي لَنَا زُرْقَةَ السَّمَاء
وَخُضْرَةَ الأَرْض
 وَصَحْنَ عَدَسٍ وَقِطْعَةَ خُبْزٍ
 وَسُكَّر لِصِغارِنا..

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here