خاطرة : على كتِفي منذ دهْر __ نور الدين حنيف

0
51
خاطرة : على كتِفي منذ دهْر
خاطرة : على كتِفي منذ دهْر

كيْفَ لِي أنْ أتكهّنَ
بِالنّبْرِ الْيتِيمِ
يَصُوغُ خُرافَتِي
نَقْشاً سَرابا ؟

وكيْفَ لِهذا الّذِي أنَا
أنْ يكْتُبَنِي ضوْءاً
وأنا الْمكتُوبُ تُرابا ؟

كيْفَ وكيْفَ
لِهذِهِ الّتِي
تعجِنُ زُجاجَ الرّوحِ
عَلى مهْلٍ
كنافِذَةٍ
منْ خَشَبٍ قَدِيم
أنْ ترْقُدَ كلّ هذا الدّهْر
عَلى كَتِفِي
وتنْسَى فِي رُقادِها
شَكْلَ الْحُضُورِ
تُمجّدُ الْغِيابَا ..؟

هِي تكْتُبَنِي وجْهاً
بِدونِ تَقَاسِيمَ
حِينَ التّقاسِيمُ
تقْبَعُ فِي أصَابِعِها
تنْزلِقُ في دَمِي
وكأنّها النّحْلُ
يبْنِي مُكَعّباتِ الشّوْب
ويكْسِرُها أنْخابا.

أو كأنّها النّخْلُ
يَغْزِلُ كَوْنِي
بالأبْيَضِ والْأسْود
صُوفاً عارِفاً
فِي مناسِجِ الاِنْتِظار
يَخِيطُنِي إرْجاءً
ويُرَتّقُنِي انْسِيابا.

يتّهِمُ صُورَتِي
فِي أرْوِقَةِ الْعِشْقِ
مُتلَبِّسَةً بالْعِناقِ
في سيماءِ الْكَوثَر.
يَشُدّنِي إلى أنْفِ الزّعْتَرِ
يغْرِسُنِي ورْداً
شَبِعَ اكْتِئابا.

هِيَ جنّتِي
وفِيها ترْفُلُ رُوحِي
سَرِيعَةً
كقَلْبِ أمّ موسَى
ومضِيئةً
كصَدْرِ نبِيّ.
أضاءَ فِي جَوْفِهِ الْقَمَرُ
وعنْهُ فِي الضّوءِ نَابا.

أنا الْآنَ
مجَرّدُ زوْرَقٍ
يَمْشِي
بقَدميْنِ مكْسُورتيْنِ
وتَحْتَهُ الْماءُ
يرْكُضُ مثلَ سَمَكَة،
تطْلُبُ حِصّتَها منَ الْموْجِ.
تأكُلُ الرّذاذَ
مثْلَ عنَاقِيدَ تَدلّتْ
فِي صَدْرِ الْبحْرِ
تمْضَغُ الْحلاوَةَ
فِي صُراخ.
وفِي فَمِها الْمسْترْسِلِ
غابَ الْحبّ وذَابا.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here