هل المغرب دولة حق وقانون؟ وهل يوجد بالفعل من يريد العودة بنا إلى حقبة الجمر والرصاص؟ هذا هو السؤال الطويل العريض الذي أصبح متداولا بكثرة في العديد من أوساط مغاربة العالم على ضوء إقدام الأجهزة المخابراتية الثلاثة على نشر وتعميم بلاغ إخباري يفيد بوجود متابعين قضائيا من بين مغاربة العالم من قبلها بتهم ثقيلة، دون الكشف عن هويات المعنيات والمعنيين بتلك المتابعة، مما تسبب في خلق مناخ من الصدمة والترويع وحالة من الهلع النفسي، جعلت كل مغربي مقيم بالخارج يستغل الهامش الواسع من حرية التعبير التي يكفلها دستور بلد إقامته ويقوم بنشر مقال بإحدى الجرائد الوطنية أو يكتب تدوينة أو تعليقا ينتقد فيهما إحدى مؤسسات بلده، أو يأتي على فضح وجه من أوجه فساد مسؤول من مسؤولي تلك الأجهزة، إلا وأصبح يعتبر نفسه معنيا بتلك المتابعة و متهما إلى أن تثبت براءته، بل وصل الأمر برواد شبكة الفيسبوك إلى حد تبادل التحذيرات من الإقدام على العودة إلى المغرب، من دون التأكد من أنه غير مدرج ضمن قائمة المطلوبين للسلطات الأمنية.
المصيبة أن العديد من وسائل الإعلام الأوروبية و منصات التواصل الاجتماعي قفزت على الخبر، وجعلت منه مادة دسمة لتشريح الوضع الحقوقي السائد بالمغرب، هذا في ذات الوقت الذي يسوق فيه بلدنا خيار منح الصحراويين حق الحكم الذاتي الموسع، ويحاول إقناع هؤلاء والعالم بصوابية مقترحه كحل وسط لفض نزاع الصحراء.
في خضم هذه التحديات، يبدو الجهاز الأمني وهو يتصرف بكل حرية وبدون مراقبة ولا إعارة أدنى اهتمام لما سيترتب عن تصرفاته من ردات فعل من لدن الرأي العام الأوروبي والدولي.
الجميع يتفق على تراجع القليل من الحريات العامة التي جاء بها دستور 2011 وخاصة الصحفية منها والنشر في منصات التواصل الاجتماعي، بل هناك من يقول إن دولة القمع هي المتحكمة بالرغم من كل شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا أدل على ذلك من حملات الاعتقالات التي يتعرض لها الحقوقيون و الصحفيون والمدونون واليوتوبرز، وكل من يجرؤ على الإدلاء بوجهة نظره في سياسة الدولة أو فضح الفساد أو انتقاد أجهزة المخابرات.
ولنفترض وجود أشخاص مقيمين بالخارج سولت لهم أنفسهم العبث بالحياة الخاصة للآخرين أو الإساءة إلى سمعة الغير، سواء كانوا أفرادا أو جماعات أو مؤسسات أو شركات، وهذه فرضية قائمة، أفلم يكن من باب رجاحة الرأي تحريك متابعات في حقهم بصمت ومن دون اللجوء لإشهار الخبر بالطبل والغيطة، وخلق حالة البسيكوز والتشهير بالمهاجرين، ووضع كافة أفراد الجالية المغربية في قفص الاتهام، اللهم إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها، وكان الهدف من هذه “الزيطة” هو ضرب “حماد باش يخاف محماد”، وهذا بالضبط ما عشناه تحت دكتاتورية مخابرات كل من أوفقير وإدريس البصري.