صباح هذا اليوم، وأنا بمكان عملي، أتت زميلتي “يارا” لتخبرني أنه على الساعة العاشرة والنصف بمقصف المختبر سينظم ما سموه بـ“warmte week”: فنحان كبير من الشربة بـ 1.50 أورو. على غير عادتي لم أسألها عن تفاصيل الحدث، كانت أشياء أخرى تشغلني. أعرف أنها قد استغربت فقد تعودت على مرحي وثرثرتي، غير أنها وجدتني صامتة هذا الصباح. بجانبي زميلتي “تين” التي حدثتني بدورها عن حدث العاشرة والنصف، لكني هذه المرة خرجت من صمتي وسألتها عن المناسبة؟ قالت: تبرع بعضنا بتحضير شربة مقابل 1.50 أورو للفنجان كي نساعد “ذوي الاحتياجات الخاصة”. أتقومون بمثل هذه المبادرات عندكم؟ ابتسمت، كنت سأخرج عن صمتي لأقول لها: نحن أمة تسرق تبرعات “ذوي الاحتياجات الخاصة” كي نشتري أفخم السيارات ونسكن أرقى الفيلات وندرس أبناءنا في المعاهد الخاصة بدلا من الجامعات و.. كنت أريد أن أقول لها اشياء كثيرة لكنني اكتفيت بالصمت وبابتسامتي الساخرة.
تمام الساعة العاشرة والنصف، كان الجميع في الموعد. طاولة كبيرة وضعت عليها 5 أصناف من الشربة الساخنة، حتى صاحب المختبر كان يمسك بفنجانه منتظرا دوره أمام “السخان الكهربائي”. نظام رهيب.
وأنا أرقب المشهد صامتة، خفت مدير المبيعات من ثرثرته المعتادة معي وهو الذي تعود أن يسألني عن بلدي وثقافتي وتقاليدي.. غير أنه سألني هذه المرة عن صنف الشربة التي أتناول فأجبته: “شربة الفلفل”، ابتسم وقال لي: “أنتم العرب تحبون التوابل”. كدت أخرج من صمتي لأصرخ في وجهه وأقول له: “رجاء لا تذكرني بهويتي”.