أحداث وشخوص النص حقيقية حدثت على أرض الواقع … حاول الكتاب سردها كما ولدت وليس له من فضل على النص اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب .
إهداء :
إلى بطلة النص .. أميرة القصر ” .. ” جي جي ” ..
( الكاتب )
—————————————-
” جي جي ” أميرة القصر :
” جي . جي . ” … نعم أنا ” جي.جي . ” … هذا هو اسمي يا سيدي .. ولتقل بأنه لقبي أيضا .. الكل يطلقون عليّ هذا اللقب .. هذا الاسم .. وهو ليس اسمي المدون في شهادة ميلادي .. يوم ولدت قبل أربعة عقود خلت .. ولكنه الاسم في شهادة الحب .. يوم ولد الحب .. ويوم أن أسماني إياه حبيبي…
مالي أراك تفتح فاه الدهشة هكذا يا سيدي ..؟؟ هل تراك أبلهاً أم أنك تتظاهر بالبلاهة ؟؟ .. لعلك تتساءل في سرك وماذا يهمك من أمري .. ومن أمر اسمي هذا ولقبي .. هذا وذاك لا يعنيان شيئا بالنسبة لك ..
معك حق يا سيدي .. بل ومعك كل الحق .. ولكن .. ألست أنت ” العراب ” ؟؟!! .. ألست أنت ” الأب ” ؟؟!! .. ألست أنت ” الكاتب والأديب ” ؟؟!! .. وعلى الأقل .. ألست أنت من تدعي هذا وذاك ؟؟ .
أعرف بأنك مشغول كثيراً .. عن سماع حكايتي .. وأعرف جيداً بأن لديك ألف حكاية وحكاية .. وأنك ما زلت تفكر في النهاية .. قبل أن تبدأ بالبداية ؟؟ لكل حكاية وحكاية .. أنا أعرف ذلك جيداً يا سيدي ..
أعرف بأنني قلت لك ذات مرة بأنني قد وجدت الحب .. الحبيب والصديق .. الرائع .. الذي هو أصبح كل دنياي .. وأصبح كل حياتي.. والذي أحيا الأمل في نفسي وقلبي وروحي من جديد .. بعد أن فقدت كل أمل لي في الحياة …
أنا لم أخدعك يا سيدي في قولي هذا .. فهو بالكل كان البسمة الجميلة .. والكلمة الطيبة .. والهمسة الرقيقة واليد الحانية .. والقلب الرءوم بالنسبة لي.
أعرف بأنني قلت لك بأنني أحببته كثيراً .. كما لم يحب أحد من البشر قبل ذلك الحب من قبل .. أعرف بأنني قلت لك بأنه سيدي.. و” تاج راسي “.. وأميري .. ومليكي المتوج على مملكة قلبي وحبي..
أنا لم أنس شيئاً من هذا أو ذاك أبداً. يا سيدي وقلت لك أيضا.. بأنني مجنونة بهذا الرجل … أنا أهذي به .
أذكر جيداً بأنني قد قلت لك بأنني أعيش أجمل أيام عمري .. وأحلى ساعات حياتي .. في قصر منيف .. أسميته “قصر الأحلام”.. كل ما فيه حب .. طعامنا .. شرابنا .. هواؤنا .. نومنا .. يقظتنا .. كلها حب ولا شيء سواه.
قلت لك بأنني جميلة بما فيه الكفاية .. ذكية بما فيه الكفاية .. مثقفة ومتعلمة بما فيه الكفاية ..وهذه كلها مؤهلات لا بأس بها بل هي جيدة بالنسبة لي لأن يحبني وأحبه .. يعشقني وأعشقه … يعبدني وأعبده ..
هو.. شاب جميل الطلعة .. بهي المحيا.. ذو منصب ومكانة عالية .. وفيه كل المواصفات التي تتمناها كل أنثى ..
قلوب العذارى والنساء كانت تهفو إليه … تحيط به من حوله من كل حدب وصوب .. هو اختارني أنا من بينهن .. أحبني أنا .. عشقني أنا .. وجعل مني أميرة .. أميرة قلبه .. حبه .. عشقه .. وأميرة ” القصر ” .
” جي . جي . ” … نعم أنا ” جي.جي . ” … هذا هو اسمي يا سيدي .. ولتقل بأنه لقبي أيضا .. الكل يطلقون عليّ هذا اللقب .. هذا الاسم .. وهو ليس اسمي المدون في شهادة ميلادي .. يوم ولدت قبل أربعة عقود خلت .. ولكنه الاسم في شهادة الحب .. يوم ولد الحب .. ويوم أن أسماني إياه حبيبي…
ألا تعرفني يا سيدي ؟؟ .. أنا التي تحدثت إليك في وقت قريب .. هل نسيتني ؟؟!! .. هل نسيت حديثي إليك ؟؟!! .. يبدو بأنك قد أصبت بذلك المرض الخطير الذي يطلقون عليه ” الزهايمر ” يا سيدي .
أنا هي نفسها تلك التي قالت لك بأنها أميرة القصر .. القصر المنيف الوارف .. ألا زلت تذكرني يا سيدي ؟؟!! .
• لقد انهار القصر .. انهار قصري الكريستالي الذي كانت حجارته من حجارة الأهرامات التليدة منذ أيام الفراعنة .. لقد سقطت حجارة القصر فوق صدري وجسدي .. ورأسي … وأصابت بعض تلك الحجارة قلبي مباشرة .. فأصبح أشلاءً مبعثرة .. أكتم الآهات في نفسي .. وأبكي .. أحترق .. أموت بصمت .. ..
مالي أراك تضحك مني هكذا يا سيدي .. هل تراك أصبت بالبله والحمق .. من جديد .. ها أنت تضحك ببلاهة غريبة وتسألني ببرود وتقول لي :
” هل كان هذا حلما من أحلام الليلة الفائتة ؟؟؟ أم تراه حلماً من أحلام اليقظة ؟؟ أم تراه قصر ” المدينة الفاضلة ” ؟؟!!
ألم أقل بأنك رجل أبله .. وأنك مصاب بـ ” الزهايمر ” ؟؟!!
ها أنت تواسيني بقولك السخيف :
” ومهما كان الأمر .. فألف حمدًا لله على سلامتك سيدتي .. أبعد الله عنك شر طوب القصر .. وطوب الأرض ” ؟؟!!؟؟ .
هل رأيت كم أنت أحمق يا سيدي .. قصير البصر والبصيرة … ها أنا أواسيك وأخفف من مصابك .. فأقول لك :
” لا تهتم يا أبتِ .. إن ما بي مجرد هذيان فحسب ؟؟ ”
لا تأبه يا أبتِ لانهيار قصري ..
بدورك رحت تلح بالسؤال الساذج وتقول لي :
” هل كان في القصر أحلام طفولتك .. صباك .. مراهقتك .. شبابك ؟؟ ” .. هل هو قصر بالمعنى المفهوم .. هل هو بيت كبير فخم وضخم ؟؟؟ . ” ..
هو الحاضر الذي كاد أن يكون مستقبلاً يا سيدي .. ولكنه انهار .. انهار فازداد بي الألم .. والجرح .. والعذاب ..
هذا ما قلته لك يا سيدي .. ولكنك رحت تطرح التساؤلات التي أقل ما أستطيع أن أطلق عليها بأنها غبية .. وساذجة .. فلقد أردفت بدورك القول :
” وأين وزارة السياحة ؟؟؟ .. وزارة الآثار ؟؟؟ أين الجهات الرسمية المهتمة لكي تقوم بالترميم لهذا التراث العظيم … ؟؟؟ … لا بد وأن هناك وسيلة ما لكي يعاد إعماره وترميمه ؟؟!! .
هل عرفت كم كنتَ غبيّاً يا سيدي ؟؟ .. لقد قلت لك بأنني لا تهمني الأموال .. ولا القصور .. فهو حلمي الذي انهار فجأة ..
حاولت أن أنبهك .. وأن ألفت نظرك بشتى الوسائل وكافة الطرق .. بأنه لا يمكن الترميم… لأن جروح القلب لا يمكن ترميمها .. وأنه لا يمكن نبشها .. فإن أي نبش فيها للترميم يزيدها سوءاً وألماً …
لتعلم يا سيدي بأن قصري ليس من حجر وطوب وأثاث .. إنه قصر حبي .. الذي لم أتذوقه ولم أعرف طيلة عقود خلت الحب .. حتى عرفته . اكتشفته .. وآمنت به إيمانا مطلقاً .. وكفرت بأي حب سواه … عدا حب الله فحسب ..
فقصري يا سيدي بنيته طوبة طوبة .. حجراً حجراً .. ركناً ركناً .. وصالحت به زماني الذي لم ينصفني في يومٍ من الأيام ..
حقّاً بأنني جميلة .. ذكية .. ناجحة بامتياز في شتى مناحي الحياة … ولكني كنت ساذجة كثيراً .. لأني لم أوظف كل هذه الميزات من أجل الاحتفاظ بحبيب عمري … وحياتي .. فضاع مني … وتسرب من بين يديّ .. كما يتسرب الماء …
ضاع حبي يا سيدي .. وضاع معه مستقبلي .. الذي كنت أتوسم فيه الخير الكثير ..
لقد كان الرجل المثالي .. الجميل .. صاحب الأخلاق العالية .. الثقافة والعلم .. المركز المرموق … هو كان حلمي الأزلي .. الذي كدت أن أيأس من لقياه… فلقيته ..
كنت له بمثابة الصديقة والرفيقة .. الأم الرءوم .. وكنت أحسب أنني كنت له الحبيبة …
لقد وقع فريسة سهلة لكيد النساء ومكرهن … لقد كن هن الأذكياء وأنا الغبية .. واستطعن أن يستولين على قلبه ونفسه ولبه .. وفشلت أنا …
كانت هي امرأة كبيرة السن .. كبيرة الخبرة في أمور الرجال .. فاستطاعت أن تستولي عليه وأن تنتزعه مني قسرًا ..
لقد كرهت نفسي ولم أكرهها .. فأنا من فرط حبي له استسلمت .. أنا من رفعت راية الهزيمة والاستسلام أمام جبروت تلك المرأة التي استولت عليه وعلى قلبه …
رحت أتساءل في نفسي :
هل هي أكثر مني أنوثة ؟؟ جمالاً ؟؟ رقة .. حبّاً ؟؟
كانت الإجابة بالنفي القاطع ..
ولكنها كانت أكثر مني مكراً ودهاءً .. ففازت وانتصرت واستولت عليه في النهاية …
هذا هو قصري يا سيدي .. قصر حبيبي .. البغدادي الذي أسميته ” هارون الرشيد ” … غير أنني لم أستطع أن أكون ” زبيدة ” .. ولا حتى جارية من جواريه ؟؟
هل أدركت مأساتي يا سيدي .. ؟؟ هل أدركت ماذا عنيت بـ ” قصر أحلامي ” ؟؟ أرجو أن تكون قد أدركته بالفعل … فهل تراه كان قصراً من الوهم … من الخيال … الضبابية ؟؟ .
نعم يا سيدي … لقد انهار ” القصر ” فوق رأسي .. وأصابت حجارته قلبي .. .. بيد أنك غبي ّ يا هذا .. إذ أنك لم تدرك بعد حجم المأساة ؟؟ ….
فهل تراك قد أدركت .. ؟؟؟
وأنت الذي تدعي بأنك ” العراب ” .. وبأنك ” الأب ” .. وبأنك ” الكاتب والأديب ” .
أنا لا أريد أن ترثي لحالي يا سيدي …فلست بحاجة لرثائك .. ولا تحاول أن تمد يد المساعدة لي لكي تساعدني في إعادة إعمار القصر المهدم ..
فالقصر الذي تهدم هو قصر أحلامي .. حياتي … عمري .. حبي … وليس هو من حجارة وطوب كما تعتقد .
ومثلك بالمطلق لا ولم ولن يستطيع أن يقدم لي أي مساعدة .. فأنت أوهى من أن تقدم لي أي عون أو مساعدة … لأنك لم تدرك بعد حجم الكارثة والمأساة ..
فاكتب … اكتب يا سيدي .. اكتب عن القصور التي هي من حجارة وطوب .. ورمال .. وسوف تبدع الكتابة فيها .. ولكنك أبداً .. لن تستطيع يوماً أن تكتب عن تلك القصور الحسية .. المعنوية .. التي كانت تعيش في إحداها ” جي. جي . ” ذات يوم ؟؟!!