بَقاءُ المَرْءِ في الدُّنْيا قَصِيرُ
وَكُلُّ النَّاسِ مَثْوَاهَا القُبُورُ
سَتَنْفَى الأَرْضُ وَالأَحْياءُ حَتْماً
وَيَبْقَى اللهُ خَالِقُنا الكَبِيرُ
فلا تُغْرِرْكَ أَمْوالٌ وَجَاهٌ
فَلَنْ تَبْقَى المَرَاتِبُ وَالقُصُورُ
فَقَدْ خُسِفَتْ بِقَارُونَ الأَرَاضِي
وَضَاعَ المُلْكُ وَالكُرْسِي الوَثِيرُ
وَفِرْعَوْنُ الذِي نَادَى بِأَنِّي
إِلَهُ الكَوْنِ أَغْرَقَهُ البَصِيرُ
وَلا تَأْمَنْ لِصَفْوِ العَيْشِ وَاحْذَرْ
فَرُبَّ السَّهْل يَعْقُبُهُ العَسِيرُ
وَتِلْكَ حَيَاتُنَا كَالظّلِّ تَبْدُو
هُنَيْهَاتٌ وَتَنْقَلِبُ الأُمُورُ
وَدُنْيَانا كَغَانِيَةٍ لَعُوبٍ
يُغَرُّ بِزَهْوِ طَلْعَتِهَا الغرِيرُ
وَلَمَّا تَنْجَلِي الأَصْبَاغ عَنْهَا
تَرَاهُ بِخَيْبَةٍ أَمْسَى يَمُورُ
وَتَقْوَى اللهِ خَيْرُ الزَّادِ فِيها
وَتُشْفَى مِنْ مَوَاجِعِها الصُّدُورُ
كِرَامُ النَّاسِ تَغْلِبُها الليَالِي
وَيَرْقَى فِي مَرَاتِبِهِ الأَجِيرُ
وَكَمْ مِنْ أُمَّةٍ سَادَتْ وَبَادَتْ
عَلَى أَطْلالِها مَرَّتْ عُصُورُ
وَفِي السَّرَّاءِ كَمْ تَلْقَى جَلِيساً
وَفِي الضَّرَاءِ يُفْتَقَدُ النَّصِيْرُ
وَكُنْ صَلْداً لِطَارِقَةِ الليَالي
فَإنَّ الخَيْرَ يَحْصُدهُ الصَّبُورُ
وَكُنْ سَمْحاً وَذَا خُلُقٍ كَرِيمٍ
فَذُو الأَخْلاقِ فَي الدُّنْيا أَمِيرُ
تَحَدَّثْ صَادِقا فِي كُلِّ أَمْرٍ
فَقَدْ خَابَ المُنَافِقُ وَالفَجُورُ
وَلا تَخْتَالُ فِي كِبَرٍ وَزَهْوٍ
فَكَمْ أَوْدَى بِصَاحِبِهِ الغُرورُ
وَمَهْمَا مَالَتِ الأَحْوَالُ فَاعْلَمْ
مِنَ الأَحْجَارِ يَنْسَابُ النَّمِيرُ
وَلا تَشْمَتْ بِمَنْ أَمْسَى بِضِيْقٍ
فَإِنَّ الدَّهْرَ غَدَّارٌ يَدُورُ
فَكَمْ ِمْن أَشْعَثٍ أَمْسَى وَزِيراً
وَيَهْوي مِنْ مَنَاصِبِهِ الوَزِيرُ
تَفَاءَلْ وَابْتَسِمْ وُدّاً وَحُبّاً
تَوَاضَعْ سَوْفَ يَرْفَعكَ القَدِيرُ
يُقَاسُ المَرْءُ فِي عَمَلٍ وَدِينٍ
وَأَخْلاقٍ يُعَزِّزُهَا الضَّمِيرُ
وَلا تَسْخَرْ بِقَوْمٍ أَوْ رِجَالٍ
فَرُبَّ الخَيْر عِنْدَهُمُ غَزِيرُ
إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْكَ صُرُوفُ دَهْرٍ
فَثِقْ بِالله يَغْمُركَ السُّرُورُ
وَلا تَيْأَسْ وَمَهْما فَاضَ ذَنْبٌ
فَإِنَّ الله رحْمَنٌ غَفُورُ