هل نضجتُ كفاية حتى لم أعد أصدق كل ما أسمع..
أو كل ما أرى..
أو كل ما أقرأ..؟
هل أصبحت كبيرة جدا..
كي أشاهد كل ما حولي وأعتبره مجرد مسرحية هزلية..
تثير الضحك لفترة..
ثم تختفي آثار ضحكتها لاحقا..
هل أصبحتُ منطقية جدا..
كي أراقب الآخرين..
ومع هذا لا أصدق أغلب كلامهم..
ولا تعبير شفاههم..
ولا نظرات أهدابهم..؟
حين كنت أصغر عمرا..
أو لنقل أقل خبرة بالحياة..
كنت أكثر براءة.. وأكثر طيبة..
وأكثر إيمانا بكل ما يجري حولي..
كنت طفلة ترفض أن ترى الناحية السوداء من الأشياء..
وتأبى أن تصدق أن البشر قد لا يكونون بشر..
وأن النيات السيئة هي أيضا موجودة..
وأن القلوب الميتة لها مكانها أيضا بيننا..
كنت أعيش في عالم أبيض..
لونه من لون قلبي أنا..
وكل ما فيه صنعته فقط قناعاتي أنا..
لم أكن أقبل أن أشاهد ما يحاول الآخرون أن يجعلوني أراه..
ولم أكن أقبل أن أقتنع برؤية الآخرين للحقيقة المخالفة لرؤيتي أنا..
الآن..
أصبحت ناضجة أكثر..
أو لنقل أصبحت واقعية أكثر..
وعرفت أخيرا..
أننا لا نستطيع أن نصدق..
كل ما نقرأ..
أو كل ما نرى..
أو كل ما نسمع..
فبعض القلوب لا تحبنا..
حتى لو حادثتنا بالحب.. صبح مساء..
وبعض الأهداب لا ترغب في رؤيتنا..
حتى ولو ابتسمت ملامحها في وجوهنا.. كل لقاء..
وبعض الشفاه تكره ذكرنا..
حتى ولو خاطبتنا ألسنة أصحابها.. كل الوقت بالكلام الجميل..