مرت سنين على وفاة رب الأسرة، لا شيء يجمع أفراد العائلة على عمل أو كلمة خير، كل فرد يريد النيل من أخيه أو أخته. هم ثلاثة ذكور وفتاتان، وأم عجوز فضلت العيش مع ابنتها الصغيرة التي ما زالت تتابع دراستها الجامعية. أصبحت دون معونة، حتى زيارتها من طرف أبنائها أصبحت شبه منعدمة.
الأدهى من ذلك أن الذكور استحوذوا على كل ثروة أبيهم كاملة، الابن الأكبر هو أكبر المستفيدين من الوضعية، الكل يريد نصيبه، لكن حسب هواه، ثروة الأب كبيرة، مكونة من أراضي فلاحية. اشتد الخلاف إلى درجة تهديد بعضهم بعضا بالقتل، حاولت الأم التوفيق بينهم إلا أنها فشلت أمام غطرسة الابن الأكبر التي حالت دون ذلك. تدخلت جهات مختلفة لفك النزاع بينهم بطريقة سلمية وعن طريق الاتفاق، إلا أنه كان دائما وفي آخر لحظة، يتم إلغاء اجتماع الصلح. سارت الأمور على هذا النهج إلى أن قرر شيخ القبيلة الاجتماع بهم في منزل أخيهم الأكبر. إنها لحظة هامة لفك الخلاف بين الأبناء حول الإرث.
كل أفراد العائلة حضروا إلا الابن الأكبر فلم يلتحق بغرفة الضيافة. كان كل من في المنزل يتحدث عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للحد من انتشار وباء كورونا. هذا الوباء الذي أجبر الجميع على البقاء في منازلهم. في الحقيقة أن الابن الأكبر كان طريح الفراش، لا يستطيع الوقوف على رجليه، بعد تقديم الشاي، تكلمت ابنته، فأخبرت الجميع بأن أباها قد أصيب بمرض كورونا.
بمجرد سماع كلمة كورونا، خرج الجميع مهرولين، لا أحد منهم يريد البقاء في المنزل، حتى أبناء المريض رفضوا الدخول إلى الغرفة التي يرقد فيها أبوهم. فجأة ظهرت الأم العجوز، فدخلت الغرفة لتجلس بجانب ابنها الأكبر قائلة له:”أنا من أبقى مع ابني، ربيته صغيرا إلى أن كبر، والآن سأعتني به إلى أن يشفى من مرضه”.
بعدها قامت للصلاة متضرعة لله عز وجل قائلة:” اللهم خذني أنا واتركه هو لأبنائه، يا رب العالمين”. نظر إليها ابنها، وعيناه تذرف دموعا، بعد ذلك طلب منها أن تسامحه على ما صدر منه في حقها وفي حق إخوته وأخواته.
اللهم اغفر لنا ما اقترفناه في حق آبائنا من ذنوب وعصيان، اللهم ارحمهما، يا رب العالمين.