الموسوعة الأدبية والإبداعية لمغاربة المهجر، مقدمات في التعريف والمنهج – محمد الحراق

0
1431

تقديم لا بد منه:
في البداية، أصارحكم القول بأن إقامتي بأوربا ليست بالبعيدة، ربما حديثة العهد مقارنة ببني جلدتي من مغاربة أوربا التي تعود إلى نهاية الخمسينيات من القرن الماضي. لكن ما اكتشفته من خلال البحث والتقصي عن المثقفين والكتاب والمبدعين منهم، جعلني أقف مشدوها ومذهولا، لا من ناحية الكم الهائل وعدد الإصدارات والإنتاج ولا من ناحية القيمة الفكرية والأدبية والإبداعية. مما جعلني أجزم أن مغاربة أدباء المهجر استطاعوا بلورة مدرسة أدبية يمكن أن نطلق عليها مدرسة المهجر الثانية في نسختها الأوروبية على الأقل، بعد مدرسة المهجر العربية بالقارة الأمريكية التي ظهرت مع نهاية القرن التاسع عشر عندما هاجر شعراء وأدباء عرب إلى القارة الأمريكية، فرغم أن لكل ظروفه الخاصة وبواعثه الذاتية للهجرة، لكن كان يجمعهم الذوق والحرف العربي الأصيل فأبدعوا من هناك، وبقيت أعمالهم خالدة متميزة تدل على تأسيس مدرسة مهجرية خاصة في الأدب العربي الحديث أطلق عليها مدرسة “المهجر” والتي ما زالت مقتفى جل الشعراء والأدباء، ومنهل كل طلبة العلم ومحبي الشعر والأدب العربي الأصيل. ومن أبرزهم: أمين الريحاني، جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، إيليا أبو ماضي وغيرهم كثير من الذين جاؤوا من بعدهم أو ربما قبلهم بأوروبا.

التجربة الإبداعية والأدبية لمغاربة المهجر:
فعند ذكر أدب المهجر، لا يتبادر إلى أذهاننا للوهلة الآولى ما تم تلقينه لنا بالمدارس والجامعات من الأسماء المشرقية فقط، ولا نجد مغربيا واحدا يذكر من بين هؤلاء. ليس لخلو الساحة منهم بل هو لقصور في البحث وتكاسل في النقد وتقليد وتكرار لما تعارف عليه القوم من تعريفات جامدة كأنها نصوص مقدسة. لهذا تم تهميش الأدب المهجري في نسخته المغربية. وكأني هنا بالتاريخ يعيد نفسه ـكما قيلـ ويعيد نفس الدوافع التي جعلت العلامة الأديب واللغوي الأصيل الراحل عبد الله كنون رحمه الله تعالى عندما حز في نفسه تجاهل الشرق للتراث الأدبي المغربي فألف كتابه الفريد: “النبوغ المغربي في الأدب العربي”، لكشف الغطاء عن هذا الثرات االزاخر الذي لا يمكن لأي دارس للأدب العربي أن يتخطاه أو أن يغض الطرف عنه. ففي عصرنا الحالي وإن كان المبدعون المغاربة قد اشتهروا في الشرق والغرب ونالوا حظهم الوفير من التعريف والتأريخ والنقد وحظوا أيضا بكثير من الجوائز العربية والعالمية، غير أن نظراءهم بالمهجر ما زالوا لم يكتشفوا بعد إلا في مجالات ضيقة جدا، وبين أشخاص بمجهودات فردية وإمكانات ذاتية، وهذا وإن كان مهما لا يمكن إنكاره، ولكن يبقى مقصرا جدا ولا يبلغ غايته إلا بعمل مؤسساتي وموسوعي وبمنهجية علمية موضوعية، ودعم مادي ومعنوي وتظافر جهود كبار الباحثين والخبراء.

منهجية كتابة الموسوعة:
لكتابة الموسوعات الكبرى منهج خاص تقليدي متعارف عليه، وهو الاختصار والتوثيق وتعدد الكتاب. كما أنهم يعتمدون على التبويبات بالرتيب الأبجدي للبلدان أو الشخوص أو المواضيع. لكن بالنسبة لهذا المشروع فجل الأدباء المغاربة بالمهجر على قيد الحياة، وأتمنى لهم عمرا مديدا مليئا بالعطاء والإبداع، ومنهم طاقات شابة واعدة وطموحة. لذلك سنعتمد في التبويب النهائي على تاريخ الولادة، ثم نقوم بالتعريف الببليوغرافي، ثم التعريف بكتبهم وآثارهم والأبحاث التي أنجزت عنهم أو الجوائز التي حصلوا عليها، وكل ما يمكن أن يسلط عليهم الضوء أكثر، ويكون التعريف بهم
أشمل لكل جوانب حياتهم الشخصية والإبداعية والفكرية، بدون التعرض للتقييم الشخصي بأي حال من الأحوال، وتناول إبداعهم وأفكارهم بحياد تام. وقد كان لي الشرف بالالتقاء بالكثير منهم شخصيا أو عبر مراسلات، فوجدت فعلا كنوزا فريدة، وأدبا وإبداعا متميزا جدا. وأترك للقاريء الكريم المجال لأن يحكم بنفسه ويكتشف بقراءاته الخاصة مدى جودة هذا الإبداع وتفرده وتميزه. وأنا جد متأكد بأنه ستكون هناك مفاجآت كثيرة سيكتشفها القاريء العربي النبيل.

لكل الكتاب والمبدعين المغاربة بالمهجر:
أنوه في هذه المقدمة العامة، أن كل الكتاب والمبدعين المقيمين بالمهجر، مرحب بهم، فما عليهم إلا إرسال كل المواد التي من شأنها أن تعرف بهم بتفصيل وتوثيق ودقة إلى البريد الالكتروني التالي:
‏litterairencyclopedieurarabe@gmail.com
فباسم الله مجراها، فقد حان الوقت أيها المبدعون والمبدعات بالمهجر، للتأريخ وللتوثيق والكتابة عنكم والتعريف بكم أكثر، ليس لجمهرة قرائكم اليوم فحسب، بل لترك بصمة للتاريخ، ولنحارب به الذوبان والنسيان والتهميش. فلقد تقرر كتابة كتاب توثيقي عنكم أطلق عليه إسم: “موسوعة الكتاب والمبدعين المغاربة بالمهجر”. وهذا المشروع تحت إشراف المقهى الأدبي الأوروعربي وكبار كتابه، أذكر على وجه الخصوص وليس الحصر: الشاعر والروائي المبدع أحمد حضراوي مؤسس المقهى الأدبي الأوروعربي – بروكسل،و صاحب البرنامج الأدبي والثقافي العربي الوحيد بأوروبا، الديوان الذي يبث على قناة مغرب تيفي البلجيكية. والدكتور الشاعر المبدع يحيى الشيخ من فرنسا، الذي عبر لي مشكورا عن دعمه اللامشروط للمشروع قلبا وقالبا، وخبرات كبيرة خاصة في مجال النشر والتدقيق. كما لا أنسى الشاعر الباحث والناقد محمد كنوف من ألمانيا لما عبر عنه من دعم ومساهمة بتجربته وخبراته. وكل من اتصل بي عبر صفحتي الخاصة أو عبر صفحة الشاعر أحمد حضراوي أو صف المقهى الأدبي الأورعربي بأوروبا عبر الفايسبوك.
أتمنى أن نكون عند حسن ظنكم وأن نوفيكم حقكم وأن نكون في مستوى المسؤولية الجسيمة الملقاة على عواتقنا، والأمانة العلمية والمعرفية التي تشرفنا بالتكليف بها. كما نعاهدكم على الحياد التام وعدم إقحام الذاتية والعاطفة والميولات الشخصية في هذا المشروع النبيل، إذ يبقى الهدف هو التوثيق والتأريخ. والقراء والتاريخ هم أصحاب القرار النهائي في الحكم على هذا أو ذاك. وهذا هو الهدف العام للمشروع ليجد الباحثون والنقاد مادة خصبة موثقة بموضوعية وتجرد، لهم وللأجيال القادمة وللمستقبل. ودمتم نهرا دافقا بالابداع وشمسا مشرقة دافئة للفكر والثقافة بهذه القارة الباردة.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here