أنشد ابن عباس رضي الله عنه هذه الأبيات وهو محرم:
وَهُنَّ يَمْشِينَ بنَا هَمِيساً
إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ ننك لَمِيسَا
وسئل أليس هذا من رفث القول؟
فقال ابن عباس: إنما الرفث عند النساء،
وسئل ابن سيرين في المسجد عن رواية الشعر في رمضان — وقد قال قوم: إنها تنقض الوضوء — فقال:
نُبِّئْتُ أَنَّ فَتَاةً كُنْتُ أَخْطُبُهَا
عُرقُوبُهَا مِثْلُ شَهْرِ الصَّوْم فِي الطُولِ
ثم قام فأمّ الناس!
العلماء القدامى هم أكثر حرصا واهتماما برواية الشعر وتذوقه ومعرفة أسراره، لأنهم من خلال الشعر يفسرون القرآن والآيات، ولهذا كان يهتمّ ابن عباس بشعر عمر بن أبي ربيعة، وكان يهتم الشافعي بالشعر وروايته.
ويأتيك في زماننا هذا من يحدد لك حرام الشعر وحلاله، ومن يضع التصانيف الفارغة مثل الشعر الهادف والشعر الملتزم !
وقد أهملوا كثيرا من الشعر والشعراء بالعصور المفضلة بحجة أنهم من شعراء المجون أو اللهو وما هذا إلا نفاق علمي وأدبي.
فأنا في حزب ابن عباس رضي الله عنه أقرأ الشعر لأنه شعر ولا يهم إن كان شعرا فاحشا أو شعرا في الحكمة أو الفروسية، ولا أظن أمثال هؤلاء أصوب رأيا من ابن عباس رضي الله عنه.
جودة الشعر ليس بموضوعه ولا بمعانيه إنما بطريقته وأسلوبه البلاغي وما ابتدع من جمال.
أقبح أنواع الشعر المنتشر في زماننا هو فئة الشعر السياسي والشعر الديني الوعظي لا اجتهاد فيه ولا شعر إنما يروج لدى الناس بسبب أهميته لدى العامة سواء كانت قضية سياسة أو وعظ ديني.