الحياة بين العتمة والضوء – عبد الله محمدي

0
154

1- الحُلم:

النسيم المنعش يملأ الأرجاء. الشمس مشرقة ضوؤها ساطع. الأرض زربية ملونه تبهج الروح النقية. القلوب صافية يملؤها الود والحنان والألفة. الجيران متضامنون يتقاسمون النعم وبالتعاون يتغلبون على كل صعب..

2- الجهات الأربع في تنافر:

في الجنوب سواعد مفتولة تبني الأعشاش بأغصان الأشجار، ترفعها على دعائم من الجذوع المتينة. غذاؤهم لحم من الطرائد مشوي ومطوي على نار هادئة، وثمار مبشورة أو معصورة شرابا سائغا.
– في الشرق أقوام يعيشون جماعات وفرادى يحكمهم قانون الجبروت، من يحيد عنه يعرض نفسه لسلطة العادات والعقائد. السيد فيها إله متجبر لا يجرؤ مخلوق على رفع رأسه أمامه، القول قوله والرأي رأيه،وكل الرؤوس منحنية في حضرته وفي غيابه أيضا.
– في الشمال طبيعة قاسية: ثلوج ورياح وأمطار و وقر، الأنفس مكتئبة والقلوب باردة والأجساد تنهشها الشيخوخة و يضنيها طلب الرزق، أعناقهم مشرئبة للأرض الطيبة والشمس الساطعة وراء البحر.
– في الغرب جماعات مغمورة في الأدغال والجبال تعيش على السليقة تصارع الحياة في جد وفي نكد، تتقاسم خيرات الأرض مع الحيوانات الوحشية، تروض منها ما استطاعت لتسخره في خدمتها فتتغلب على ضنك الحياة بصعوبة. تزين أجسادها بالألوان الزاهية وتلبس تيجانا من الأزهار والأغصان تعبرا عن رضاها بقسمتها وبالالتفاف والرقص والأناشيد..

2- عواصف النكد:

خلافا لما قيل إن الإنسان مدني بالطبع، تثور عبر تاريخ الإنسانية عوصف هوجاء: يضجر الجميع من الرتابة في أراضيهم الأم، فالجنوبي يثور على الشمس المشرقة على مدار السنة فينكر الحرارة المفرطة التي تحرق جلده وتضفي عليه لونا يعيره به بنو أمه من بقية أصقاع الأرض، فيأخذه الحنين إليهم لعله يناله شيء من البرد والرغد.
ويغضب الشرقي المقهور، فيكسر قيود الآلهة البشرية المتغطرسة ويرفع رأسه مناديا بالانعتاق منكرا كل صنوف التبعية، ويتوق للتعامل مع بني جلدته شمالا وغربا..
ويضجر الشمالي من قسوة الآلهة ومن القساوسة التي تنوب عنها ،فيعلن الخروج عن الطاعة وقلب موازين الحياة، ليصبح الفكر سيد الموقف، والصناعة هي الحكَم ومقياس الحياة.
في الآن نفسه يصبح أكثر غطرسة بميزه العنصري واستغلاله المفرط للجنوبي الذي يمد له ساعدا قويا يسنده وصدرا دافئا يفيض نبضا وحياة..
تثور الرياح الشمالية، يطمح الشماليون إلى التمرد على حكامهم وسيادة العالم شرقا وغربا وإذعان الأقاليم البعيدة لجبروت الميز والكبر، مستعينين بتَوقِ رعاياها إلى جنة وهمية يصورها خيالهم المنبت. يركب الشماليون مراكب الاستكشاف بحثا عن أراض عذراء فيجتازون البحار والمحيطات والفيافي.. فتنهب ثروات طبيعية وتزهق أرواح رافضة للظلم والميز، لا ينفعها الانغلاق والتشبث بالجذور ولا تُجدي العادات والتقاليد ولا الآلهة. فترضخ الأقاليم صاغرة ويلجأ حكامها إلى مجاراة التيارات العاصفة ليثبتوا على كراسي الذل والتبعية، دورهم مساعدة المصاصين وخدمتهم، فيصبحون على درجة من الثراء تميزهم عن رعاياهم، وتبعدهم عنهم مسافات يستحيل اختصارها بعد هدوئها، إن قُدِر لها وهدأت.
تتوالى العواصف مدا وجزرا، وكلما حاولت الشمس أن تشرق تكاثفت غيوم الجهل والدجل لتحجبها، فتنطفئ أشعة المعرفة لتطغى وعودٌ لا سبيل لتحقيقها إلا في أذهان من وقع ترويضهم لقبول الذل والتبعية والرضا بالموت أحياء، خدمة لذئاب تنهش لحم الرعايا وتنهب الأرض والبحر.
وكلما حاولت هامات أن ترتفع وظهور أن تستقيم، وجدت كلابا من بني جلدتها تعيدها لمربع الجحيم.
تصدأ القيود يوما بعد يوم، وينبعث ضوء من الأمل يبث زخات من القطر يُطعِم أرواحا نقية في كل أرض طيبة، فترتفع راية الحق رغم الأبواق الناعقة والمحاولات اليائسة لتكميم الأفواه الحرة وتقييد السواعد الحرة.

4- عودة الحلم:

نرجو مع انتصاب قوس قزح أن ينقشع غيم الظلم والجهل والطاغوت والميز، ليعُم الود والعزم والعمل ليريفع البناء في كنف العز والكرامة لكل البشر، فتنبض القلوب حياة ودفئا وانشراحا، ويعود الحلم ضوءا ينير الطريق إلى مستقبل آمن.

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here