سأستهل هذا العرض أولا بتسجيل بعض الملاحظات حول الرواية العربية التي اتخذت من الهجرة إلى الشمال موضوعا لها، -بما فيها الرواية المغربية- وهي ملاحظات تتكرر كثيرا حتى كادت تضحي من مميزات رواية الهجرة نحو الشمال. وأقف ثانيا عند رواية “همس في آذان الرجال” لصاحبتها لطيفة الرخاء شهام باعتبارها استثناء وخروجا عن هذه القاعدة، أركز على محوريها الجنوب /الشمال من خلال الرموز السردية التي مثلت كلا منهما. و أنتهي ثالثا وأخيرا إلى ملاحظات واستنتاجات.
1ـ الملاحظات:
يسجل قارئ الرواية العربية، التي تناولت موضوع الهجرة منذ موسم الهجرة إلى الشمال للطيب صالح مرورا بالحي اللاتيني لسهيل إدريس وانتهاء إلى مرايا “لمصطفى شعبان” ثم ” الملاذ” لإدريس اليزيدي” من المغرب، عدة ملاحظات حول التمثيل السردي للشخصية الجنوبية والشخصية الشمالية:
1ـ إذ غالبا ما يجد الرمز السردي الممثل للذات الجنوبية مهاجرا من جنس ذكرٌ يهاجر بدافع طلب العلم أو تحسين المستوى الثقافي أو الاقتصادي، فيرتاد آفاق الحرية ما أُحل منها وما حرمته ثقافته الجنوبية، كأن الحكم لا يسري مفعوله إلا في البيئة الجنوبية لتتغير الأحكام بتغير المكان وتؤازره في هذا التمثيل للذات رموز كثيرة، تظل في الجنوب غالبا وعلى رأسها المرأة التي تظل مستبعدة يواريها عن الأنظار لا يذكرها إلا في نفسه على سبيل الاسترجاع عندما يشتد عليه أمر التحاور مع المرأة الشمالية، ويصعب عليه ممارسة هجومه على خوفه منها أو يصاب بالفشل في ذلك.
في الوقت الذي دأبت فيه (الرواية العربية) على اتخاذ جنس حواء رمزا سرديا للهوية الغربية/الشمالية والرمز الوحيد لها في أغلب الروايات. ومن ثمة يلاحظ أن الرمز التمثيلي للهوية الجنوبية يخوض غمار الصراع جنوب/ شمال لإثبات الذات عن طريق ممارسته لعبته الأزلية المتمثلة في قمع خوفه من المرأة متخذا من فحولته وسيلة وكأنها خاصية أساسية للذات الجنوبية وجب الذود عنها: مصطفى سعيد كما ورد في رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) للطيب صالح، هاجر إلى انجلترا غازيا، مدججا تستهدف صواريخه السفن الشقراء تخترقها وقد تحرقها. السارد في (الحي اللاتيني) لسهيل إدريس ينسى ابنة خالته المنذورة له.. يدخل أرض الشمال لاهثا منذ أن وطئت قدماه باريس بل منذ أول ليلة خلف الجنس، وها هو ذا يحيى في (ملاذ) لإدريس اليزيدي يضرب بعلاقته العاطفية مع راوية عرض الحائط، وهو ما يزال في ألميريا بأرض إسبانيا يفكر في شقراء بلجيكية وسرعان ما يدخل في علاقة عاطفية بل جسدية مع كريستين التي تعرف عليها في أحد مقاهي أنفرس، لتحمل منه وصالح في مرايا لمصطفى شعبان يفسخ خطوبته ويلقي بالخاتم على الأرض؟ في الصفحة السابعة من الرواية نجده قد أوقع مريلان في شباكه.
والسؤال هو ما مشكلة الرمز السردي العربي للذات الجنوبية ؟؟ أهي تلك العلاقة الأزلية بين الجنسين؟ أم علاقة أملتها وكرستها الثقافة الجنوبية بمختلف روافدها؟ وإذا صح ذلك هل انتهى من ممارسة لعبة التجهيل على المرأة الجنوبية حتى آمنت بأن لا حقوق لها في الحياة وأدت له مراسيم الولاء، فأضحت وسيلة وأداة، لا يأبه لها إلا عند الحاجة ويهملها بعد ذلك مهما كانت درجة قداسة العلاقة، واطمأن أنها لم تعد مصدر خوفه هاجر نحو الشمال ليستكمل فتوحاته ويحقق انتصاراته يخضع المرأة الشمالية ويأسرها في قمقم خوفه، أما زال يؤمن بوأدها حتى على الورق؟
الملاحظة الثانية هو ما لم يلتفت إليه الرمز السردي للذات الجنوبية وهو يشكل صورة الرمز السردي للذات الشمالية من هفوة تتمثل في زاوية النظر التي ينظر من خلالها السارد (الرمز السردي الجنوبي) الجنوبي للمرأة الشمالية رمز الذات الشمالية.. فالصورة التي يرسمها لها هي ثمرة نسق ثقافي جنوبي تحكمه نظرة ترسخت على مدى أجيال لا عن طرق الممارسة اليومية فحسب بل عن طريق الموروث الثقافي من تشبع بالأمثال والحكايات والنظم والقص الذي صاغه الرجل نفسه لغرض سلب شخصية المرأة حتى ترسخ في الذاكرة نسق فكري له مكوناته الجنوبية الغائرة في الماضي، متوارية في أعماق النفس الجنوبية ولا شعورها وفي الأنا الجمعية، الشيء الذي ينتج صورة لرمز الذات الشمالية بألوان جنوبية محضة، وهي صورة تجانب الصواب، ولا تستجيب لتمثيل الهوية الشمالية (مريلان في مرايا رمز الذات الشمالية) ببساطة شديدة تقبل تتنازل مجانا أن تستبدل باسمها اسما عربيا مؤقتا لفترة عطلتها وذلك لمجرد إرضاء الوسط العائلي لصلاح في حين عندما تعلق الأمر بتسمية الوليد المرتقب و هو من صلب صلاح العربي أصابها الجنون وتعصبت للاسم الشمالي وهذه صورة لرمز الذات الشمالية مردودة، فهو بهذا الرسم يغفل لون حرية واستقلالية رمز الذات الشمالية وخاصة الاستقلالية المادية التي تفتقدها المرأة الجنوبية ويستغلها الرجل سلاحا فعالا لتحقيق انتصاره على خوفه منها.
الملاحظة الثالثة، وعندما تتحاور الذات الشمالية مع الذات الجنوبية تكشف تدريجيا عن مكونات الشخصية الجنوبية عموما والركائز التي تقوم عليها وتستند إليها غالبا ما يمثلها الالتصاق بالماضي بما رث من أسماله، بغثها وسمينها كما أن أغلب سلوكات الرمز السردي الجنوبي في الفضاء الغربي لا تمت بصلة للشخصية الجنوبية الحقيقية إذ يمارس الزنا ويتعاطى الخمرة ويقامر بل يمارس ما تتبرأ منه الشخصية الجنوبية لتكتشف هشاشة واقع الشخصية الجنوبية والأمثلة من الروايات المذكورة كثيرة.. وتأسيسا عما سبق غالبا ما يسفر الحوار جنوب شمال عن تباعد وعدم تواصل وقد يؤدي إلى العنف (نتيجة لماضي يحيى كما عرفته كريستين كان الهجر رغم محاولات يحيى.. ظل وضع صلاح وماريلان في مفترق الطرق وقد حصل هذا مع السارد في الحي اللاتيني لسهيل إدريس، وقنديل أم هاشم ليحيى حقي وغيرهم كثير).
هذه ثلاث ملاحظات تكاد تكون خصائص للرواية العربية المرتبطة بالهجرة إلى الشمال إلى درجة قد يُعتقد معها أنها خاصيات أجناسيةً داخل جنس الرواية العربية ككل، حتى إذا لفت انتباه القارئ عنوان رواية يوحي بالهجرة إلى الشمال تكونت لديه فكرة مسبقة أو لاح أفق انتظار يتحددٍ في مهاجر خرج للدراسة التقى بفتاة غربية عاشا قصة عاطفية ثمرتها وليد مع ميلاده تبدأ الاختلافات.
***
إلا أن رواية ” همسة في آذان الرجال” للروائية المغربية: لطيفة الرخاء شهام.. خرجت عن تلك القاعدة فتلك الملاحظات التي قلنا عنها تكاد أن تصبح خصائص أجناسية اختفت أو كادت تختفي، فالرمز السردي الأساسي للشخصية الجنوبية في هذه الرواية هو السارد نفسه لم يعد من جنس الرجل كما عهدناه من قبل، بل أضحى من بنات حواء.. ترى كيف ستمثل الذات الجنوبية؟
ولدت (الرمز للتمثيلي للذات الجنوبية ) بإحدى الواحات جنوب المغرب حيث قضت السنوات الأولى من طفولتها.. نقلت على مضض إلى باريس حيث عاشت ونمت وتعلمت وترعرعت ودرست..، ورغم عدم الاستقرار النفسي نتيجة اقتلاعها من الواحة حيث خلفت جذور شخصيتها وإرغامها على الانخراط في حياة غريبة تفتقد فيها أدنى شروط التواصل ورغم الفوضى التي كانت تعم البيت نتيجة الخلاف بين والدها الحسين/ الجنوب وزوجته جاكلين/ الشمال وانقسام البيت فيما بعد إلى حلفين، ورغم الضغط الذي مارسته عليها جاكلين؛ حصدت ضفائرها التي طالما تعهدتها أمها هموشة وجدتها يزة بالحناء جزء من كيانها جزء من الشخصية الجنوبية.. بل راحت تلقي ملابسها المغربية أو التي اقتنيت بالذوق الجنوبي في القمامة بعشوائية وازدراء، بدعوى أنها لا تناسب البيئة الفرنسية لتجعل فاصلا بين عهدين ص 65.. فرضت عليها جاكلين أسلوب الحياة الشمالية تجردها من شخصيتها الجنوبية.. وكلما عنّ لها الصراخ من داخل ضعفها، تذكرت وعدها لوالدها الذي وقع هدنة مع جاكلين من مقتضياتها تسليم أمر فاطنة لجاكلين حتى تروض وتقبل عضوا في العائلة..
فكيف رسمت الرواية صورة الشخصيتين الجنوبية والشمالية هل من زوايا مختلفة أم من نفس الزاوية أو بمعنى آخر هل اقتفت الساردة أثر السارد العربي في تقديم رموز الذات الشمالية بمنظار جنوبي أم أنها استطاعت أن ترصدها بعين العارف الخبير تتيح لها رسم الشخصية وفق شروط موضوعية.. وتبعا لذلك هل حافظت على الهوة وعدم التقارب بين الذاتين لتعلن الذات الجنوبية الانسحاب من طاولة الحوار عند مستوى معين، كما عهدنا من قبل؟ أم أن رسمها للذاتين من زواية مختلفة مكنها من الوصول إلى نتائج مختلفة؟
الذات الشمالية، لم تقتصر الرواية على نموذج واحد كرمز سردي بل حاولت الإحاطة بهذه الشخصية من خلال ثلاثة نماذج متكاملة: جاكلين/ الأم المربية – ابنتها/ نادية- وبيير/ الصديق.
جاكلين الفرنسية زوجة الحسين المهاجر المغربي ابن الواحة، أبو فاطنة، زواجها بالحسين من جهة وقبولها بالطفلة فاطنة تحت سقفها يوحي بوجود مبدأ تقبل الآخر لكن على أي أساس؟ يبدو من خلال نمو الحدث متمثلا في تجريد فاطنه من ضفائرها ولباسها وتعليمها أساليب الحياة الفرنسية.. وتعليمها القراءة والكتابة بلغة الشمال.. وإعادة تربيتها وفق مقتضيات الحياة الغربية كالجلوس إلى الطاولة وإمساك الشوكة ص 68،كل هذا تحت أنظار الحسين وهو يصفق لكل تغيير، شخصيته ذائبة في شخصية جاكلين/ السعي إلى تذويب الذات الجنوبية وإصهارها في بوثقة الذات الشمالية، ( تحويل فاطنة إلى فاتي) إلا أنها لم تكن تعي ما الذي كانت تسديه للذات الجنوبية (فاطنة) من خدمة.
هذه جاكي التي أصبحت من بعد، -وخاصة لما اشتد عود فاطنة وأصبحت مرجعا لجاكي نفسها وابنتها تنظر للحسين وفاتي- تنظر نظرة تعال تحط من قدر الإسلام والمسلمين تزهو بمسيحيتها، ص 139، بل قسمت الغرفة غرفتين هجرت الحسين ص140 وأولت كل اهتمامها لنادية ابنتها.. زواجهما يحتضر يأخذ طريقه القانوني نحو المقبرة “عجيب كيف تعايشت المسيحية والإسلام تحت سقف واحد كل فترة الزواج، أصبحت جاكي تواظب على الذهاب للكنيسة كما أصبح بالحسين يصلي الأوقات الخمس ص146.
كل من جاكي والحسين لم يكونا في مستوى الحوار وتقريب وجهات النظر.
نادية ابنة جاكلين التي ظلت فاطنة تعتقدها أختا لها من أبيها الحسين، أقبلت على ممارسة حياتها بحرية تامة بعيدا عن كفالة الوالدين وعن كل وازع ديني أو أخلاقي وعن القيم الفاضلة المتعارف عليها، منذ مراهقتها أرخت العنان لنزواتها وراحت تسابق شهواتها بدعوى الحرية التي يكفلها لها القانون، فشلت في الدراسة، سادت علاقتها بالعائلة تشنجات ص80 تمارس العداء والعنف اللفظي على فاتي، وأحيانا يحكم علاقتها بها مد وجزر حسب تقلب درجة الغيرة.. تخلت عن الدراسة بحجة ميولها للموسيقى فانخرطت في كوكبة ممارسي موسيقى الصخب على مسامع الثملة.. أدمنت الحشيش تدعي الانفلات من الواقع والتحليق في عالم روحاني بل أدمنت حقن المخدرات، بعد عناء عثرت عليها فاتي أدخلت المصحة، ص95 بعد فترة التحقت بالشارع، تعود إلى الشارع ص98 لتعيش الضياع وتنخرط في جماعة الفرسان الجهنمية التي تعتبر أسس المجتمع قمامة بالية 105 وتحمل وتصاب بالسيدا107 ..
نلاحظ في هذه المرحلة وعند استنجاد نادية بفاتي أن الحرية الجامحة أحد مكونات الشخصية الشمالية عادت لتطلب النصح من الاتزان والتعقل والعلم المرصع بالذات الجنوبية، وبفضل التعامل الحضاري الراقي استطاع رمز الذات الجنوبية الحقة/فاطنة الإحاطة بموضوع الذات الشمالية الجامحة في الحريات ومساعدته على استتباب وضعه النفسي. تستنجد بفاتي لتخرجها من الحصار المفروض عليها من طرف الجماعة، إلى غاية إيصالها إلى مؤسسة تستقبل حاملي الفيروس، بل تتعهدها بالرعاية عن طريق الزيارات والسند المعنوي والنفسي.
بيير: طالب فرنسي مجد، محيط بجميع مجالات المعرفة من عائلة عريقة ثرية، زميل فاتي في الدراسة، موسوعة متنقلة يحيط بأسباب المعرفة، يؤمن بالقيم النبيلة أنى كان مصدرها يسبقها بسنه يلتقيان في الحرم الجامعي يتحدثان في جميع صنوف المعرفة، كان قدوة لفاتي تعلمت منه ومعه، رفقة بيير اكتشفت أنها لا تعرف شيئا عن الأديان عموما وعن دينها الإسلام خصوصا. ص91 فشعرت بالخواء الداخلي وهي بين حضارتين متناقضتين ص 92 أقبلت بنهم على البحث إلى أن أصبحت تناقش بيتر في مختلف جوانب الدين الإسلامي، وخاضا في موضوع الحجاب. يعتز بصداقة فاتي التي تطورت لديه إلى حب عفيف طاهر، ظل يركض خلف حبها، بل طلب يدها للزواج وقد تمنعت لأسباب الاختلاف في الهوية وخاصة مكونها الديني.
الشخصية الجنوبية:
الحسين رمز سردي لأحد مكونات الذات الجنوبية رسمتها الساردة من خلال ثلاث صور إحداها في الجنوب حيث يبدو ربَّ العائلة الماسك بجميع بزمام الآمور، صاحب الأمر والنهي والأب المستبد، لا تقف حريته إلا عند حدود أنا المجتمع، أما الثانية فالتي ظهر عليها في الشمال هي الخضوع والاستسلام لسلطة الشخصية الباريسية يرضخ لجاكي، يذوب ملبيا رغبات زوجته يطمس الفوارق بينهما. كلما رغبت فاطنة في الحديث إليه يقول لها انظري مع جالكين حتى تبين لها أن الحسين باعها لجاكلين.. حتى ضاعت صورة فاطنة وحلت محلها فاتي ص69.. أما الثالثة فمنذ بدأت الهوة تتسع بين بالحسين وجاكلين.. أصبحا غريبين تحت سقف واحد كل واحد يبحث عن هويته متخذا جميع الوسائل لتأكيدها ولإظهار معالمها. لقد أصبح لا ينطق إلا بالعربية والأمازيغية وعلى جاكي تعلمهما فلا يهم هل تفهم أو لا تفهم. شخصية نمت على شكل حلقة بدأت من تمثيل للذات الجنوبية ونمت لتستسلم للذات الشمالية ثم لا تلبث أن تعود لأصالتها ونظرا لوزن الذات الأصل استطاع أن يساهم في عودة فاطنه إلى فضائها الأصلي، حيث روح الأسرة والتحامها وتماسكها وحفاظها على سلمها الإداري المنحدر عن النظام العشري سلطة الحسين رب العائلة وأوامره المطاعة رغم غيابه وسلطة الجدة المسير الفعلي للأسرة في غياب الحسين واستلام هشومة زوجة الحسين مقاليد القيادة بعد الجدة في غياب الحسين طبعا. ص 9 وما بعد.. وعودة هموشة إلى وضعها مع وفاة زوجة احماد وعودة الحسين لاستلام سلطته الفعلية بعد أن مورست في غيابه بالنيابة.
ومن جهة أخرى تتمثل في المعتقدات البالية الناجمة عن الجهل المطبق المتوارث الذي يقيد كل الآفاق ولعل الرمز السردي الذي مثل هذا الجانب بشكل جلي العم احماد الذي ظل يحمل مسؤولية إنجاب الإناث لزوجته ويهددها.. احماد عالَم محدود بجغرافية القرية ومرعى القطيع والفضاء الذي يكنفه يمتهن الرعي الشيء الذي يوحي بآفاقه المعرفية رغم تردده على مسجد القرية في مرحلة كهولته، المعلمة العلمية الدينية ومجاورة الفقيه أعلم الناس بالقرية ومعلمهم أمور دينهم ودنياهم ظل على جهله وغيه، أو بعبارة أخرى لم تستطع هذه المؤسسة استئصال جهله فزوجته وبناته بالنسبة له مجرد أطياف تمر أمامه ولا يراهن، ينزعج لسماع أصواتهن، ويثور، وتصيبه نوبات.. يأكلن متسترات لا حق لهن ص 185 في مشاركته الطعام.. علم عن طريق أخيه الحسين الذي حاول إقناعه أن الجنس ليس بإرادة الزوجين أو بالأحرى ليست الزوجة مسؤولة عنه. اختفى من الواحة لمدة احتجاجا على هذا الواقع. يرفض أن يزدان فراشه بصبية وجن عندما سمع أن الرجل هو المسؤول عن جنس الجني. ولما علمت زوجته بحقيقة جنس حملها عن طريقه وإقدامه على تنفيذ وعيده ارتكبت جريمة الانتحار في حقها وجريمة الوأد في حق بناتها الأربعة جهلها بأمور الدين والدنيا، ص 227 و228. هذا أحد مكونات الشخصية الجنوبية وهذي النتائج المترتبة عنه إلى جانب وضعية الزوجة الجنوبية وقد رمز لها التمثيل السردي أيضا بهموشة التي لم تبد أي رد فعل تجاه زواجها الموقوف لمدة عشرين سنة، أمام هجرة وحيدتها إلى فرنسا مع عودة الحسين تستقبله في غرفتها على فرشتها بكل عفوية وكأنه لم يغب عنها لحظة، وكأني بها لا تعرف شيئا عن علاقته بجاكلين.. ترضى بما يجود عليها ولما يهجرها، تستأنس بذكراه ص 162. وإذا أضيف إلى كل هذا واقع الفتاة كما جاء على لسان احماد، أن والدتها هي مدرستها تعلمها أمور حياتها من طبخ ومسح وحلب وصر ص 202.. تراءت لنا صورة الذات الجنوبية كما تعكسها الرواية.
ذكورية بامتياز، وترى الرواية أن العامل في هذا هو خوف الرجل من المرأة في الذاكرة الإنسانية 204 يدرك مدى حاجته إليها طفلا وزوجا وأبا ملتمسا رضاها وحنانها وفي كل هذه المراحل يعتم على خوفه بالهجوم، يتخذ لتحقيق ذلك استراتيجية محكمة ترسخت حتى أصبحت قناعة المرأة قبل الرجل. ولذلك حرص على أن يبقي هذا العفريت في قمقم ويعمل جاهدا على مداراة ضعفه بكل ما أوتي من وسائل لينمي ويكرس إحساسها بحاجتها الدائمة والمستمرة إليه. يعمق الفارق بينه وبينها أقنعها أنها مجلبة لعارٍ هو الأصل فيه يحرص على تجهيلها لا ترتاد غير مدرسته التي هو شيخها لإبقائها مريدا له، ولعل اعتماد الرواية على الأمثال الشعبية بشكل لافت دليل على أن الظاهرة ظلت تترسخ جيلا بعد جيل “عز المرأة خيمتها”، وهذا ما يفسر النظر الشزر الذي يوجهه احماد إلى فاطنة وهي تتحدث إلى بيير عندما زارها بالواحة، فهي مجرد ولية فكيف تسمح لنفسها بذلك وهو أحد أوليائها.. ومن جهة أخرى حاجة المرأة عقلية صاغتها آلاف السنين.
أما الشق الوضاء في الشخصية الجنوبية فمثلته الساردة الطفلة فاطنة ابنة الواحة جنوب المغرب التي أرغمت على غربة مزدوجة، ترك والدتها وجدتها وقريتها والفضاء الذي رتعت فيه من جهة، والحلول ببيت غريب لم تلق منه ترحابا، في عالم ضيق تزاحم امتداد البصر فيه العمارات الشاهقة.. وجدت نفسها بين تلاطم حضارتين، تتقاسمها شخصيتان فاطنة المغربية وفاتي الفرنسية، وضع يفكك الهوية ويخرب الشخصية، ازدواج الشخصية مبعث اضطراب 97 فأخذت تبحث لنفسها عن مرجعية تعلمت العربية جدّت في البحث حتى أصبحت تجادل بيير الموسوعة المعرفية في أمور الدين وتقارع الحجة بالبرهان ص 93. أصبحت أكثر التصاقا بالذات.. عقب عودتها إلى الواحة سألها بيير أعز الناس إلى قلبها هل قضت حياتها في التحصيل العلمي لتبقى في الواحة إلى جانب الأبقار والأغنام فلا مستقبل هنا، والحياة لم تبرمج للرجوع إلى الوراء بل للتوجه دائما إلى الأمام وكان جوابها: أنا مع أبي أهلي وعشيرتي لا تنس هذا، ص 164.. والأمام ليس هناك فقط كما تعتقد فشهادتي تخولني للعمل هنا كما تخولني للعمل هناك ص 164.. تبقى على اتصال بالحياة الشمالية عن طريق محادثة بيير والتواصل مع نادية.
أضحت فاطنة/فاتي رمز الذات الجنوبية في التمثيل السردي محورا وقطب الرحى.. كل مَن حولها من العائلة الشمالية في حاجة إليها، فيها المواساة وفيها العزاء فيها فلسفة الحياة تنير الطريق وتجلي العتمة حديثه فاتي مع كل من بيير وجاكلين ص 169، اعتراف الشخصية الشمالية بالذات الجنوبية المقنعة: نستمع لتعليق جاكي لم تضيق بنفسها ولا تعرف لها اتجاها وتجد إلى جانبها فاتي: تبسيطك للأشياء يبعث الطمأنينة في النفس، ويزود بالطاقة للإقبال على الحياة ..
في قبول فاطنة ملازمة والدها لها أنى رحلت بل في رغبتها في ذلك قناعة بالولاية إذ كان يقيم معها بالبيضاء وقلما يذهب لتفقد أحوال البلد، يقضي معهم أسبوعا فيقفل راجعا حتى لا تظل وحيدة ص192.. الاختلاط.
ناقشت مع بيير عزم والدها على اصطحابها للبلد رغم منطق الأشياء كما يرى بيير لم تخالف لوالدها أمرا، طاعة الوالدين في الإسلام تأتي مباشرة بعد الإيمان بالله وطاعته وخصوصا البنت قبل أن تتزوج ص153. فالإسلام دين ودولة يقنن الحياة العامة والخاصة،
استطاعت الهوية الجنوبية المؤسسة على العلم والمعرفة وعلى الإيمان الصادق أن تقنع الشخصية الشمالية بنضوجها أنها أهل لمعانقتها والإيمان بها والمزاوجة بين الجنوب والشمال ص 233 – 234، كيف استطاعت أن تؤلف بينهما وتبرز الحب والسلام أسمى ما يصبو إليه الإنسان؟
– رسم صورة واضحة المعالم للشخصيتين معا بالنسبة للشمال:
لم يعد رمز الذات الشمالية هو تلك المرأة التي يفوز بها المهاجر الرمز السردي للذات الجنوبية بسهولة لكونه هو من رسمها وفق نسق ثقافي جنوبي بل، قصدت رواية “همسة في آذان الرجال” إلى تجاوز هذا الرمز واكتفت بحصره في مجال أحد مستويات التمثيل السردي للذات الفرنسية في شخص جاكلين التي تزوجت المهاجر الحسين مع كل الاختلافات والفوارق، فعاشا في فوضى عارمة وانتهتا إلى الفراق.
لم تقف الرواية عند هذا المستوى من التمثيل للذات الشمالية بل راحت ترسم الرمز وفق نسق ثقافي شمالي متكامل ضم الإيمان بالحياة المؤسسة على الحريات الفردية والجماعية وحتى المغالى فيها إلى درجة الفوضى “تجربة نادية”، وصولا إلى رمز الشخصية الشمالية المؤسسة على العلم والمؤمنة بالاختلاف والمسلحة بالمعرفة والقيم الإنسانية والحب في أسمى معانيه من خلال شخص “بيير”.
كما رسمت الصورة الحلم للذات الجنوبية والرمز الأساسي فتاة منحدرة من جنوب المغرب أرغمت على الاغتراب في الديار الفرنسية، تسلحت بالعلم والمعرفة وتحلت بالصبر والاتزان وتفقهت في أمور دينها ودنياها، لم تسمح لنفسها بالارتماء في أحضان الحياة الباريسية بل عاشت عفيفة طاهرة جادة مجدة خدومة نصوحا حتى استأثرت بقلوب من أكنوا ومن أظهروا لها العداوة والكراهية من قبل، واستطاعت أن تثبت أن الجنوب المكان لا يقل أهمية عن الشمال ولا الشخصية الجنوبية أدنى مستوى من الذات الشمالية، بل أظهرت أنها أرقى من الشمالية وأسمى. ولا أدل على ذلك من لهث بيير الرمز السردي الشمالي في البيضاء وفي الواحة خلف الرمز السردي الجنوني فاطنة.
لعل الخطاب الموجه من ثنايا الرواية متعدد الجوانب منه :
– تصحيح مفهوم العلاقة العلاقة بين الشمال والجنوب، فهي ليست علاقة تضاد وتنافر وسخط ونفور وعداء، بل كانت هي علاقة تكاملية أساسها الاحترام والتقدير، ولا أدل على ذلك مما حدث مع الرمزين فاطنة وبيير، وأن الحوار الهادف والبناء بين مختلف الذوات بمكوناتها المختلفة الدينية منها والحضارية والتواصل المؤسس على المعرفة والتسامح واحترام الآخر سبيل التعايش وتذويب الخلافات رغم الاختلاف.
– تصحيح النظرة الجنوبية للذات الشمالية من خلال ضرورة رسم الذات الشمالية وفق نسق فكري شمالي بدل اعتماد الألوان الجنوبية والنسق الثقافي الجنوبي.
– إعادة الاعتبار للمرأة الجنوبية “لولية” التي قضت حياتها تخلص الولاء للأب ثم للأخ بعده، ثم للزوج ثم للابن بعده فأصبحت تدين لهم بالاحترام بدل الولاء، أعلنت استقلاليتها الشخصية وأثبتت ذاتها بقوة العقل والعمل.
كل التقدير والاحترام للروائية التي عالجت موضوع الهجرة من زاوية أرقى وبطريق حضارية استطاعت أن ترفع الوأد بجميع أنواعه لا عن المرأة الجنوبية، بل عن حواء كممثل للشخصية الجنوبية في الرواية العربية. إذ لم تتعامل معها من منطلق الأنثى الراضخة لإرادة الرجل الجنوبي.. الذي ظل هاجس الخوف من المرأة يقض مضجعه وكرس تاريخه لطمس ملامح المرأة وضعها تحت رحمته، وضيق عليها حتى ينمو ويترسخ لديها الإحساس أنها “ولية”، عليها الولاء للأب والأخ والزوج وبعده للابن.
فاطنة: إذا لم أجد عملا يتوافق مع مؤهلاتي سأعود إلى فرنسا. ترجعين إلى فرنسا؟ عند جاكي؟ تفضلينها على أمك وأبيك وأهلك؟ لا تنس أنك من أخذني إلى جاكلين وأمرني أن أنسى أمي وأهلي. 171
تعزو وضعية المرأة في الواحة لخوف الرجل وحاجة المرأة ص 204-205.
بيتر وفاتي:
فاطنة وقد خاضت معه في موضوع الحب.. يعلن حبه لها 114 بعد تسمية مولودة نادية ماري ناقش مع ماري هذا الاسم وما يعنيه للنصارى وما يعنيه للمسلمين، ونادية مسيحية الأم مسلم أبوها، وأن هذا من الأسماء القوارب التي تطفو متجهة في الناحية التي يوجهها الريح نحوها، ص 137 – 138. إرث أزلي لجميع الموحدين. بعد رحيل بيتر للعمل خارج باريس أحست بالفراغ فقالت: إن كان هذا دليل الحب فأنا أحب بيتر من كل كياني ص 145. عوض الاحتفال بنجاح فاتي بالبيت عاشت مشهدا من السباب والشتم المتبادل، عرفت أن قبول جاكي وفادتها كان مقابل قبول الحسين ابنتها: ص 148.
رغم تفوق العلم الغربي وسبقه تفوق بيير وحصوله على تائج مبهرة سبقه لفاتي في الزمن بسنة كاملة، يبقى غير ذي جدوى في حاجة إلى قيم سامية تقوده ولعل هذا ما أثبته التمثيل لسردي في علاقة فاتي/بيير قد يوحي هذا أيضا إلى حاجة العالم الشمالي إلى الجانب الروحي.
فطنة استطاعت الساردة تمثيل الهوية الجنوبية تمثيلا حقيقيا لم ترضخ لما تقدمه الحياة الباريسية حين أبدى الحسين ابن الواحة الذي يحسب له ألف حساب الرضا الكامل وشكر جاكلين على ما تبديه من عناية نحو ابنته، بل مغريات ولم تسلك سبل الحرية المطلقة، بل ظلت منذ نعومة أظفارها تهتدي بالقيم التي حملتها معها من الواحة تحرص ألا تغضب والدها وأن تحترم زوجته الفرنسية وتعترف لها.
حكاية الفتاة الأرستقراطية المتعجرفة 23 سنه التي اغتصبها أحد المتشردين.. نقل إليها عمدا عدوى الإيدز ص 167.
الحسين وجاكلين:
الجنوبية الجدة يزة في عين الحفيدة تكاد تجمع الكمالين الخلقي والخلقي لها في العائلة سلطة الجدة التي خولتها له كل ما قطعته في حياتها من أشواط تدرجت فيها شيئا فشيئا كما يقتضيه السلم الإداري في العائلة هموشة، الأم شخصية ما تزال تحت سلطة الجدة لن تترقى حتى تتقاعد الجدة يزه ويقيلها الزمان وتمارس ما يمارس عليها اليوم حيرت طفلتها.
الحسين: بعد أن ساقتها جاكلين عند الحلاق:
استطاع الحسين أن يقف من جديد مدافعا 80 عن الانسجام والوئام بالتعقل والاحتشام، أن يعود بابنته إلى الوطن بعد استحالة انسجامها مع الحياة الغربية. لقد خسر ابنته نادية ثمرة ارتباطه بجاكلين. ألحق نادية ومعاناتها برف النسيان تماما كما ركن أهل البلد هشومة وباحماد ص 134.
جاكلين تنادي بالحرية والبيت حلفان جاكلين ونادية/ الحسين وفاتي، عجز جاكلين أمام واقع ابنتها.
فاتي استبطأت وقت العودة إلى فرنسا.. كنت أشعر أن الخيوط بيني وبين الواحة قد ذبلت وبلت، وأن الأيام لا تزيدها إلا تلاشيا.
بصنيعها..
وقد رسمت صورة الممثل السردي للهوية الشمالية من زاوية نظر شمالية محظة من خلال ثلاث شخصيات الأم التي تنظر إلى أهل الجنوب نظرة ازدراء، من خلال رفضها لفاطنة ابنة الحسين الوافدة عليها من الواحة.. وقبولها بشروط طمس هوية زوجها الحسين الذي كان السي السيد بالواحة حتى لم يعد ينبس ببنت شفة. والتي شجعت ابنتها نادية ذات الستة عشر ربيعا على ممارسة حريتها.
بناء الرواية كان سيمتريا لما نطبق صفحة الجنوب على صفحة الشمال يقابل احماد وتصرفاته تجاه عائلته تطرفا كانت نتيجته الانتحار الجماعي، ما حدث مع جاكلين ونادية الإفراط في ممارسة الحرية أدى إلى حملها وإصابتها بفيروس السيدا، وتعقل بيير وحكمته تطابق صوت الضمير الإنساني عند فاطنة، كما تطابق حياة هموشة ويزه واحماد حياة الحسين وجاكلين.
قوتان على طرفي نقيض الحرية الغربية اللا محدودة المؤدية إلى الهلاك (نادية)، وقيد الجهل المتطرف والجهل الجنوبي المطبق (با حماد).
ومن جهة رابعة العقل والضمير فاطمة/ فاتي //الشاب الفرنسي.
إمكانية التغلب على الجهل بطقوسه الموغلة التجذر والوصول إلى درجات من العقل والتحرر “الساردة”.
داخل فضاءين مختلفين أحدهما جنوبي منغلق والثاني شمالي مفتوح على كل الثقافات لعب كل منهما دورا في التكوين النفسي والسوسيوثقافي للشخوص.
فاطمة نتاج بيئتين مختلفتين نشأت على الخضوع والانصياع في الجنوب، حملتها إلى أوروبا وتزينت بالعلم وحسن الخلق بفرنسا، طبعتها كل واحدة ببصمات ظلت تلازمها طيلة حياتها، استطاعت التوفيق بين الحياتين عن طريق اختيار النهج الإيجابي.
استنتاج:
إذا كانت الرواية العربية في عمومها حكمت بفشل تلاقح الذات الجنوبية والشمالية بالنسبة ليحيى حقي مثلا في قنديل أم هاشم ثم رفضت ما توصلإاليه الطب الحديث الوافد من الشمال، ودأب على مداواة العيون ببركة زيت القنديل، وبالنسبة لسهيل إدريس في الحي اللاتيني رفض الزواج من المرأة الشمالية حتى في أقصى الحالات الاضطرارية.. وفي ملاذ ومرايا.
في همسة في آذان الرجال، حاولت الرواية أن تصف العلة من خلال علاقة الحسين وجاكي المؤسسة على تبادل الخدمات والمصالح بنتي مقابل بنتك، والفشل الذريع في توجيه نادية الوجهة الصحيحة في الحياة. إذا كنا لا نكاد لا نعثر لجاكي على تاريخ في الرواية فلا بد أن اقترانها بالحسين مؤشر على مستواها المتواضع، فالحسين أخ باحماد وسقف معرفته لا تتعدى الإصطبل والحظيرة والمرعى، بدليل استثماره في هذا المجال. وتصف الدواء من خلال تجربة فاطنة/فاتي التي خاضت تجربتها بتعقل ساعدها تحصيلها على ولوج آفاق وعوالم الحياة بأناة وتؤدة، وبيير التي حاولت تأسيس العلاقة عن وعي معه وبعد الإحاطة بجميع الحيثيات، بل الأكثر من ذلك لم تغرها الحياة الباريسية وما تقدمه من حريات، إذ ظلت محافظة على القيم التي حملتها معها بل توسع إدراكها لأبعادها ومنفتحة على إيجابيات الحياة الغربية، بل بفضل علمها وحفاظها على هويتها المستمدة أساسا من تعاليم الدين الإسلامي استمدت قوة الجنوب الذي جعل الشمال يلهث خلفه. فالرمز السردي للشخصية الشمالية بيير لحق بفاطنة إلى المغرب حيث أعلن إسلامه، وتقدم للزواج من فاطنة، ولعل قوة الشخصية الجنوبية تكمن في فهم دينها والعمل بتعاليمه.