Home الرأي اعتداء على مركز للحراكة الأحداث بإسبانيا والموقف المغربي الصامت – الحسين فاتيش
تم إلقاء عبوة ناسفة على مركز لإيواء الأطفال المغاربة “الحراكا” بجهة مدريد، وازاه موقف سفيرة المغرب بمدريد بعيدا عن روح التضامن المسؤولية..
وتقول إحصائيات صادرة عن بعض الأحزاب السياسية الإسبانية ذات التوجه اليميني المحافظ، إن العدد الإجمالي للأطفال القاصرين المغاربة الغير المرفقين، وما يصطلح عليه في القاموس السياسي الإسباني بــ MENA الذين عبروا حدود الدولة بطريقة سرية، ما بين من تحتضنهم سلطات مناطق الحكم الذاتي وبين من اختاروا العيش في الشارع، قد ارتفع في الآونة الأخيرة ليقارب رقم العشرين ألف طفل بعد أن كان في منتصف السنة الجارية محدودا في 14432، الرقم الذي أدلت به نائبة رئاسة الحكومة السيدة ماكدالينا الفاريس في تصريح للصحفيين، قالت فيه إنه العدد الذي تنوي الحكومة الإسبانية الدخول في مفاوضات مع السلطات المغربية لإرجاعهم إلى أسرهم بالوطن الأم..
في بحر الأسابيع المنفرطة، اهتز الرأي العام الإسباني لخبر إلقاء جهة مجهولة عبوة ناسفة على مركز لإيواء القاصرين بمنطقة la hortaleza (جهة مدريد)، هذا المركز الذي تقول ساكنة المنطقة إنه يؤوي ضعف طاقته الاستيعابية، مما يجعل الحياة بمحيطه شبه مستحيلة، بالنظر إلى الارتفاع في منسوب الضجيج والصراخ الذي يحدثه النزلاء وما يتسبب فيه من مكابدة وإرهاق، خاصة بالنسبة لساكنة محلية تعاني الشيخوخة والأمراض المزمنة..
الجهة الوحيدة التي أشير إليها بأصابع الاتهام في هذا الحادث الغريب، هي حزب فوكس اليميني المناهض لتواجد القاصرين بإسبانيا خاصة، وأن العبوة التي تم تفجيرها من قبل قوات أمنية متخصصةأ كشف أنها من النوع الذي يستعمله الجيش الإسباني في التدرايب الميدانية، مما زاد من قوة فرضية أن يكون حزب فوكس الذي يضم بين صفوفه العديد من العسكريين المتقاعدين هو من يقف خلف إلقاء القنبلة..
لكن الجانب الأكثر إثارة في هذه النازلة يأتينا من موقف السيدة سفيرة المغرب في مدريد، وموقف القنصليات المغربية بالمنطقة، والتي كعادتها لم تحرك ساكنا، ولم يظهر لها أثر بوسائل الإعلام، ولم تشارك لا في حملة التنديد، ولا في المظاهرات الشعبية الصاخبة التي دعت إليها قوى اليسار ومناهضي العنصرية، كما لو أن الأمر لا يعنيها، كما لو أن هؤلاء الأطفال مواطني جزيرة الوقواق وليس مواطنين مغاربة اضطرتهم ظروف الفقر والتهميش وانسداد الآفاق، لأن يهجروا أحضان أسرهم، ويعرضوا أنفسهم لكل المخاطر من أجل البحث عن مستقبل أفضل..
المواطن المغربي لا يساوي مثقال ذرة في ميزان المواطنة عند المسؤولين الدبلوماسيين المغاربة. بل ونقرأ في سلوك جلهم نزوعا نحو التنكر لمغربية من يمثلونهم، حينما يتعرضون لأي مكروه أو سوء معاملة كنازحين ولاجئين، علما بأن إسهامات هؤلاء في خزينة الدولة بالعملة الصعبة هي ما تصرف في تأدية أجورهم السمينة وتمويل امتيازاتهم الخيالية..
لا السيدة سفيرة المملكة، ولا قناصلها المعتمدون بإسبانيا، يظهر لهم أثر حينما يتعلق الأمربحادث يكون فيه المغاربة هم الضحايا، ربما تنصلا من مسؤولياتهم الأخلاقية، وربما خجلا من الظهورالإعلامي في مشهد من المشاهد المعبرة عن الوضع السوسيواقتصادي السيء السائد بالمغرب، والذي يقف دافعا وراء هجرة هذه الأعداد الكبيرة جدا من مواطنيهم طلبا للحماية بإسبانيا..
السيدة السفيرة لا تظهر إلا في الحفلات والسهرات التي تضفي مسحة من المساحيق على الواقع الوطني المزري، ولا تتورع في أن تجمله بنزعة متطرفة، من خلال ظهورها بفساتين بيار كاردان، وحلي وأساور وجواهر تنم عن ثراء فاحش، ومشاهد بذخ كلها تصب في خانة ممارسة التمويه وحجب حقيقة الفقر والبؤس الاجتماعيين المعاشين بالمغرب، حقيقة تعكسها قوافل بغلات حمل الكونظرباندو بباب سبتة، وهن يتمايلن تحت نير الأثقال، أو يسقطن على الأرض مغمى عليهن قبل أن يسلمن الروح لباريها.. حقيقة مرة لا تخفي على أي ممن تريد لهم أن يصدقوا ما هو زور وبهتان، ومجرد وضع للعكار على الخنونة..