استمرارية فن الطبخ المغربي عبر العصور __ ذ. المرحوم الشيف الحسين هواري

0
139
الشيف الحسين هواري

 

  “استمرارية فن الطبخ المغربي عبر العصور” :

  قراءة في كتاب الرحالة مارمول كاربخال “وصف إفريقيا في العصر الوطاسي” ؛ وهو كتاب أثار غضب بعض المستشرقين الغربيين وكان سببا في إصدار وثيقة لاهاي حول إتمولوجية طعام الكسكس، وبما أنه كتاب كبير من ثلاثة مجلدات سنكتفي اليوم بالجزء الخاص بالكسكس وأطعمة أخرى..

ويعتبر هذا النص وثيقة تاريخية وقطعة فنية في وصف المغرب، والتراث الثقافي والحضاري المغربي. حسب الترجمة الفرنسية يذكر مارمول كثيرا من الأطعمة والوجبات التي كانت سائدة في المغرب قديما وفي كل منطقة، لكن الكسكس المغربي يبقى الطعام الأكثر استخداما عند كل الطبقات المجتمعية النبلاء والعوام دون استثناء، حتى أنه طبق كان يستهلك ثلاث مرات في اليوم في بعض المناطق، ويوضح نص مارمول كاربخال ذلك، فبينما كانت اللحوم المكون الأساسي لمائدة الأمراء والأعيان، فاستفادوا عبر استهلاكها المرتفع من فوائدها الغذائية. فإن الحبوب والخضار كانت إلى جانب الكسكس طعام العامة والأمراء، وهو ما يؤكده كربخال في قوله ” (الكسكس) ذلك هو الغذاء العادي لهذا الأمير مرتين في اليوم، ويقدم إليهم علاوة على ذلك، لحم الضأن والدجاج المحمر المقطع قطعا صغيرة بالسمن والتوابل، فيأكلون هذه القطع المحمرة ساخنة بالخبز الرطب أو الحلويات”. يختتم الطعام بطابق من التمر والفواكه، لكن لا يقدم إليهم كشراب سوى الماء أو اللبن الحامض، لأنهم لا يشربون الخمر قطعا جهارا. واعتبر الكسكس طعام وجهاء القوم إذ حظي بمكونات وطريقة طهي جعلته أكثر نعومة إلى جانب الأطعمة الأخرى، ومختلفة تماما عن كسكس العامة وغذائها المائل إلى الخشونة. فهو طعام معتاد لفئة الأعيان ومؤشر على حد أدنى من الرفاهية لأنه ليس دائما في متناول بقية الفئات الإجتماعية الأخرى.

أشياء خفيفة كذلك كالخبز من البطيخ أو العنب أو اللبن، لكنهم في الشتاء يأكلون اللحم المطبوخ مع طعام يسمى الكسكسو، غير أنهم لا يتعاطون لأكل اللحم إلا مرتين في الأسبوع، والواضح أن اللحم يقتصر استعماله على المواسم والمناسبات لدى الفئات العامة وذلك بسبب ارتفاع سعره. وميولهم إلى الغذاء النباتي بسبب انخفاض تكلفته وسهولة الحصول عليه. -عن كتاب مارمول كاربخال وصف إفريقيا-

 

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here