أهاجكَ __ الشاعر ظميان غدير

0
57

“أهاجكَ” :

أهاجكَ ما يُذكي الفؤاد لتسهرا؟
وهل كدتَ تنسى كي نقولَ تذكّرا ؟

بمن طرقتْ بالليل من غير موعدٍ
فما قلتَ إذ زارَ الخيالُ تأخّرا

أخال أذانًا للصبابةِ طيفُها
أصاخَ لهُ قلبٌ فقامَ مكبّرا

كثيرٌ على قلبي وقد عزّ وصلها
فلستُ بإقلالٍ إذا قيل أكثرا

أبادَ الهوى قلبي كمثلِ حضارةٍ
أُبيدتْ بأمرِ الله كي نتدبّرا !

تبعثّر كلّي صرتُ في كلّ جانبٍ
كأقوالِ مخمورٍ أجيءُ مبعثرا

بكيتُ بعينٍ إذ أبتْ أختها كما
أبى نصفُ قلبي أن يعودَ ويصبرا

فأصبحَ بعد الجهدِ يأوي جميعهُ
إليها ليحيا أو يموتَ ويعذرا

مقدّرةٌ تلكَ الحروقُ على الفتى
وهل يدفعُ الإنسانُ شيئًا مقدّرا؟

تريني جحيمًا إذ تلهّبَ حسنُها
وتخفي جنانًا لا تُرامُ وكوثرا

وجيدًا رخاميّا أصلّي لربّهِ
فما صاغهُ حتّى أصدَّ وأكفرا

وشعرًا غدافيّا وكفًّا إذا بهِ
أشارتْ يفوحُ الحيّ مسكًا وعنبرا

ووجهًا كما شاءتْ يسخّرُ حسنُهُ
سحابًا وأطوادًا وروضًا وأنهرا

رقيقة جلدٍ لا تحكّ بظفرها
ولكن بماءٍ خوف أن يتقشّرا

إذا ما مشتْ في التربِ أزهرَ ليتها
تمشّت بقلبي كي يطيبَ ويزهرا

كأنّي لم أعشقْ وأطوِ سباسبًا
من الحبّ والأشواقِ إلّا لأُهجرا

أحاولُها مذ كانَ قلبيَ أخضرًا
إلى يوم يأسي ويحهُ صارَ أصفرا

كما اصفرّ هذا الدهر بعد عصابةٍ
يرونَ سدادًا أن تخونَ وتغدرا

أيخرجُ من موتاهمُ الحيّ مرّةً
وهل لهمُ جسرٌ أمينٌ لأعبرا؟

أبشّركم أضحى النفاق ديانةً
وحكمةَ مغرورٍ أتانا مبشّرا

إذا حدّثتني النفس عمّن تفاصحوا
ضحكتُ قليلا ثمّ تهتُ تحيّرا

كأنّ علومَ الأرضِ خُصّتْ لهم ولم
يكن غيرهم أدرى بما باتَ منكرا

على مذهبِ الأرقامِ ما عمّ إنّه
صحيحٌ إذا هزّ البلادَ وكسّرا

تنكّبتُ عنهم ليسَ فيهم مُشاكلٌ
بجوهرِهِ إذ لستُ أطلبُ مظهرا

همُ الصفرُ لا أحصي إذا ما ذكرتهم
لهم نعمةً حتّى أعدّ وأشكرا

إذا استحسنوا أمرًا فذاك مقبّحٌ
فلا يهتدي للحسن من عاشَ أعورا

إذا قُرِئ القرآن واستمعوا له
تشدّقَ زنديقٌ خبيرٌ وفسّرا

أضلّ بني الدنيا وصارَ محتّمًا
كما صارَ حتما أن أغيبَ وأنفرا

تلوّثتِ الدنيا بهم بهرائهم
فقد منحت تلك اليرابيعَ منبرا

إذا خيّروا اختاروا فسادًا وضلةً
وللهِ مكرٌ إذ أعانَ وسيّرا

فلولا عليمٌ يرجعُ الأمرُ كلّهُ
إليهِ لقلتُ الحال لن يتغيّرا

أجيدُ غيابًا منذُ أن غيّبوا النهى
لأنّي حليفُ العقلِ إمّا تفكّرا

(وإنّي وإن كنتُ الأخير زمانهُ)
فقد عشتُ بالإحسانِ دهرًا وأعصرا

وتحمدُ ربّاتُ الحجالِ خلائقي
وما ذمّني إلا حسودٌ تسعّرا

قتلتُ أناسًا إنما بسلاحهم
فلم أتخذ فيهم حساما وخنجرا

لقد قتلَ الحسّادُ أنفسَهم فما
بهم غاضبٌ يأتي إليّ ليثأرا

 

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here