إن أزمة الفتوىهي جزء من أزمة الخطاب الديني في الغرب ولا يمكن معالجة أزمة الفتوى إلا بمعالجة هذا الخطاب بإعادة النظر في فحواه ومضامينه، وفي القضايا التي يشتغل عليها في واقع لم يعد يخضع لنفس التصورات التي تنبني عليها المجتمعات الإسلامية من حيث القيم والقناعات وظروف الناس وحاجياتهم.
فالمفتي إنسان يخضع للشروط المتحكمة في المجتمع الذي يعيش فيه، ولا يمكن أن يستجيب للشروط التي يمليها عليه المجتمع إلا إذا كان مستجيبا للتطورات المعرفية التي يبني عليها المجتمع أسسه. ولا يتأتى له ذلك إلا بمحاولة تطوير ذاته عبر خضوعه لسلسلة من التكوينات العلمية والمعرفية تجعله في مستوى التحديات التي يفرضها عليه مجتمع المعرفة .لذا فإن من فقهائنا من طور نفسه وصار في مستوى معالجة تحديات الفتوى في الغرب بما يقتضيه الشرع والسياق، وهذا مما يثلج الصدر.