رثاء حر (رباعيات)
إنَّ هذا قدَرُ الأنقِياءِ == في زمان الهمَل الأغبِياءِ
كم بريءٍ قد قضى في سجونٍ == شيَّدتها زمرةُ الأدعِياءِ
****
حينَ قاضي الأرض يُزري بالقضاءِ ==يعزف القانونُ لحنَ السُّفهاءِ
سجنوهُ دونَ جُرمٍ ثابتٍ ==فأتى الإفراجُ من قاضي السماءِ
****
عظَّم اللهُ أجرَكم يا كِرامُ ==في كريمٍ ما عافَ إلّا اللئامُ
لا أُعزّي جَماعةً بل بلادًا ==كلُّ حرٍّ يثورُ فيها يُضامُ
****
من بؤسنا أن أقسمت كل العرَب ==ألّا يكون لهم رئيسٌ مُنتخَب
يستوردون – سوى النزاهةِ – كلَّ ما ==في الغرب، أمّا الحكم فهْو لمن غلَب
****
تبكي الشهيدَ مآذنُ (المحروسَهْ) ==ورئيسَ شعبٍ لم يُهن مرؤوسَهْ
كانت تُعدًّ لفرحةٍ لم تكتمل ==فشعوبنا من يومِها منحوسَهْ
****
شتّان بين من الأقصى يؤبِّنُهُ ==ومن حواري وأهل القدس تلعنُهُ
القدس بوصلة الأحرارِ ترشدهم ==للحقِّ والدربَ، إن تاهوا، تُبيِّنُهُ
****
لا تعجبوا من زنيمٍ حقدُهُ انتشرا ==وكاد يعبد دون الخالق البشرا
إن قدَّس العجلَ (دكتورٌ) بلا خجلٍ ==فكم طبيبٍ بِـ(دلهي) يعبد البقرا!
****
هذا، وأيمِ اللهِ، الِاستِفتاءُ ==ما كان تخدعُ أمَّةً حِرباءُ
هي فطرةُ الإنسانِ تهديهِ وإن ==محتِ المعالمَ حقبةٌ سوداءُ
****
لم يُبكَ قطُّ لأنهُ (إخوانُ) ==لكن لأنَّ غريمَهُ الطُّغيانُ
مَن ليس يحزن حين يُظلمُ ماجدٌ ==فعلام يزعمُ أنَّهُ إنسانُ؟!
****
قالوا: اهجُ كلبًا ينبَحُ ==والصالحينَ يُجرِّحُ
فأجبتُ: إنَّ هجاءَهُ ==ما صارَ منهُ ينضَحُ
****
هذا الذي أوصى الصِّحابْ ==من كان يحفظُ الكِتابْ
من يقتلوا أسودَهم ==تأكلْ بنيهُمُ الكِلابْ
****
يا من على حزبٍ وفكرٍ عدَّني ==تاللهِ إنك لستَ تعرف معدَني
الحرُّ ينصر كلَّ مظلومٍ ولا ==ينحاز للنغلِ الظلوم سوى الدَّني
****
صلَّيت في قلبي صلاةَ الغائبِ ==على شهيدِ الحقِّ لا المناصبِ
ليسَ معي إلا دموعُ خافقٍ ==أمَمتُها وذا أقلُّ الواجبِ
****
يُفرِّقنا الطغاةُ لكي يسودوا ==فنحن البيضُ واللّانحنُ سودُ
ولو أنّا فقِهنا ما اختلفنا ==ولا غيلت من الضبع الأسودُ
****
وكنت أظنُّهُ فقِهًا جليلا ==فإذ بي ألتقي حمِقًا جهولا
يُروِّج كلَّ ما بثَّ الأعادي ==ويُفتي دون أن يعطي دليلا!
****
غاظ العبيدَ أنِ الكرامُ توحَّدوا ==في نعيِ من أحرارُ قومي مجَّدوا
لا تعجبوا من حاسديهِ مماتَهُ ==إنّ الكريمَ على الرثاءِ ليُحسَدُ
****
ولم أرَ قطُّ أحقرَ من شماتَهْ ==إذا ما الحرُّ خالقُهُ أماتَهْ
ولم أشمَت بسقمٍ أو بموتٍ ==ففيهِ الشَّهم من يبدي صُماتَهْ
****
أنّى تكونُ أثارَةٌ من علمِ ==عند الذي يهذي لنصر الظُّلمِ؟!
إن كنتَ لا تسطيع دفع الجَور عن ==حرٍّ فصمتك غايةٌ في الحِلمِ
****
ولن ترضى عن الحُرِّ العَبيدُ ==وإن هو من أذلَّهمُ يكيدُ
ولو حرَّرتَهم لأتَوا زنيمًا ==وقالوا: سَوف نفعلُ ما تريدُ!
****
من ذا يُعلّم من لا يستحي الأَدبا ==وإن يُظنَّ من الأفذاذ والأُدبا
لا خير في عالمٍ لا خُلق زيَّنهُ ==ولا أديبٍ على المظلوم ما حدَبا
****
بانت حقيقةُ أحزاب النضالاتِ ==من الأعاربِ أرباب الشعاراتِ
ما فكَّروا خارج الصندوق من حِقَبٍ ==إلّا إذا كان صندوقَ انتخاباتِ
****
لا عدلَ في هذي الحَياةِ ==فالحكمُ فيها للطُّغاةِ
إن جارَ قاضي الأرضِ يأخُذ حقَّنا قاضي القُضاةِ
****
ما كنتُ (سحّيجًا) ولا جلّادا ==والشعر ليس تملُّقًا وجِلادا
هو كِلمةُ الحقِّ التي شهدَت بها ==روحٌ ترى أرض القصيد بلادا
****
أشاعوا حديثَ الإفكِ عن باعثي خيبَر ==ومن لم يَفُح منهمْ سوى المسكِ والعنبرَ
لئامٌ بدَت بغضاؤهم وعداوَةٌ ==لشعبي (وما تُخفي صدورُهمُ أكبَر)
****
يُكرِّرُ كالإذاعاتِ ==خطيئاتِ الجَماعاتِ
فصارَ الفدمُ أستاذًا ==بترويجِ الإشاعاتِ!
****
إن جارَ قاضي الأرضِ ==كيما الأراذِلَ يُرضي
قاضي السماءِ بَصيرٌ ==والحُكمُ يَومَ العَرضِ