رثاء حر (رباعيات) ــ د. جواد يونس أبو هليل

0
542

رثاء حر (رباعيات)

إنَّ هذا قدَرُ الأنقِياءِ == في زمان الهمَل الأغبِياءِ

كم بريءٍ قد قضى في سجونٍ == شيَّدتها زمرةُ الأدعِياءِ

****

حينَ قاضي الأرض يُزري بالقضاءِ ==يعزف القانونُ لحنَ السُّفهاءِ

سجنوهُ دونَ جُرمٍ ثابتٍ ==فأتى الإفراجُ من قاضي السماءِ

****

عظَّم اللهُ أجرَكم يا كِرامُ ==في كريمٍ ما عافَ إلّا اللئامُ

لا أُعزّي جَماعةً بل بلادًا ==كلُّ حرٍّ يثورُ فيها يُضامُ

****

من بؤسنا أن أقسمت كل العرَب ==ألّا يكون لهم رئيسٌ مُنتخَب

يستوردون – سوى النزاهةِ – كلَّ ما ==في الغرب، أمّا الحكم فهْو لمن غلَب

****

تبكي الشهيدَ مآذنُ (المحروسَهْ) ==ورئيسَ شعبٍ لم يُهن مرؤوسَهْ

كانت تُعدًّ لفرحةٍ لم تكتمل ==فشعوبنا من يومِها منحوسَهْ

****

شتّان بين من الأقصى يؤبِّنُهُ ==ومن حواري وأهل القدس تلعنُهُ

القدس بوصلة الأحرارِ ترشدهم ==للحقِّ والدربَ، إن تاهوا، تُبيِّنُهُ

****

لا تعجبوا من زنيمٍ حقدُهُ انتشرا ==وكاد يعبد دون الخالق البشرا

إن قدَّس العجلَ (دكتورٌ) بلا خجلٍ ==فكم طبيبٍ بِـ(دلهي) يعبد البقرا!

****

هذا، وأيمِ اللهِ، الِاستِفتاءُ ==ما كان تخدعُ أمَّةً حِرباءُ

هي فطرةُ الإنسانِ تهديهِ وإن ==محتِ المعالمَ حقبةٌ سوداءُ

****

لم يُبكَ قطُّ لأنهُ (إخوانُ) ==لكن لأنَّ غريمَهُ الطُّغيانُ

مَن ليس يحزن حين يُظلمُ ماجدٌ ==فعلام يزعمُ أنَّهُ إنسانُ؟!

****

قالوا: اهجُ كلبًا ينبَحُ ==والصالحينَ يُجرِّحُ

فأجبتُ: إنَّ هجاءَهُ ==ما صارَ منهُ ينضَحُ

****

هذا الذي أوصى الصِّحابْ ==من كان يحفظُ الكِتابْ

من يقتلوا أسودَهم ==تأكلْ بنيهُمُ الكِلابْ

****

يا من على حزبٍ وفكرٍ عدَّني ==تاللهِ إنك لستَ تعرف معدَني

الحرُّ ينصر كلَّ مظلومٍ ولا ==ينحاز للنغلِ الظلوم سوى الدَّني

****

صلَّيت في قلبي صلاةَ الغائبِ ==على شهيدِ الحقِّ لا المناصبِ

ليسَ معي إلا دموعُ خافقٍ ==أمَمتُها وذا أقلُّ الواجبِ

****

يُفرِّقنا الطغاةُ لكي يسودوا ==فنحن البيضُ واللّانحنُ سودُ

ولو أنّا فقِهنا ما اختلفنا ==ولا غيلت من الضبع الأسودُ

****

وكنت أظنُّهُ فقِهًا جليلا ==فإذ بي ألتقي حمِقًا جهولا

يُروِّج كلَّ ما بثَّ الأعادي ==ويُفتي دون أن يعطي دليلا!

****

غاظ العبيدَ أنِ الكرامُ توحَّدوا ==في نعيِ من أحرارُ قومي مجَّدوا

لا تعجبوا من حاسديهِ مماتَهُ ==إنّ الكريمَ على الرثاءِ ليُحسَدُ

****

ولم أرَ قطُّ أحقرَ من شماتَهْ ==إذا ما الحرُّ خالقُهُ أماتَهْ

ولم أشمَت بسقمٍ أو بموتٍ ==ففيهِ الشَّهم من يبدي صُماتَهْ

****

أنّى تكونُ أثارَةٌ من علمِ ==عند الذي يهذي لنصر الظُّلمِ؟!

إن كنتَ لا تسطيع دفع الجَور عن ==حرٍّ فصمتك غايةٌ في الحِلمِ

****

ولن ترضى عن الحُرِّ العَبيدُ ==وإن هو من أذلَّهمُ يكيدُ

ولو حرَّرتَهم لأتَوا زنيمًا ==وقالوا: سَوف نفعلُ ما تريدُ!

****

من ذا يُعلّم من لا يستحي الأَدبا ==وإن يُظنَّ من الأفذاذ والأُدبا

لا خير في عالمٍ لا خُلق زيَّنهُ ==ولا أديبٍ على المظلوم ما حدَبا

****

بانت حقيقةُ أحزاب النضالاتِ ==من الأعاربِ أرباب الشعاراتِ

ما فكَّروا خارج الصندوق من حِقَبٍ ==إلّا إذا كان صندوقَ انتخاباتِ

****

لا عدلَ في هذي الحَياةِ ==فالحكمُ فيها للطُّغاةِ

إن جارَ قاضي الأرضِ يأخُذ حقَّنا قاضي القُضاةِ

****

ما كنتُ (سحّيجًا) ولا جلّادا ==والشعر ليس تملُّقًا وجِلادا

هو كِلمةُ الحقِّ التي شهدَت بها ==روحٌ ترى أرض القصيد بلادا

****

أشاعوا حديثَ الإفكِ عن باعثي خيبَر ==ومن لم يَفُح منهمْ سوى المسكِ والعنبرَ

لئامٌ بدَت بغضاؤهم وعداوَةٌ ==لشعبي (وما تُخفي صدورُهمُ أكبَر)

****

يُكرِّرُ كالإذاعاتِ ==خطيئاتِ الجَماعاتِ

فصارَ الفدمُ أستاذًا ==بترويجِ الإشاعاتِ!

****

إن جارَ قاضي الأرضِ ==كيما الأراذِلَ يُرضي

قاضي السماءِ بَصيرٌ ==والحُكمُ يَومَ العَرضِ

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here