عندَما اشتّدَت قبضةُ المرضِ على جَسَدِ والِدَتِها، قرّرت الابنَةُ البارّةُ أن تتركَ عَمَلَها وبَيْتَها في المهجَر وتأتيَ إلى لبنانَ لتهتمَّ بِها عن قربٍ في أيّامِ نِزاعِها الأخيرة.
هناك بينَ البَيتِ والمستشفى لَـمْ تُبارِحُ الابنَةُ أمَّها بل تفانت في خدمَتِها والسَهَرِ عليَها حتّى أسلَمتْ روحَها بينَ يَدَيْها.
تخليداً لِهذا الحَدَث الإنسانيّ النَبيل كتَبتُ هذه القصيدة:
هَلْ رَأَيْتَ ٱلدَمْعَ في عَيْنِ مَلاكْ
ضارِعا: رَبِّ ٱسْتَجِبْنا مِنْ عُلاك
في أَوانِ ٱلضيقِ أَنْتَ ٱلـمُرتَجى
رُدَّ عَنّا كُلَّ شَرٍّ وَهَلاكْ
***
وَمَلاكُ ٱلحُبِّ بٱلرِفقِ ٱنْحَنى
فَوْقَ أُمٍّ زادَها ٱلداءُ عَنا
قالَ: يا أُمّي ٱمْنَحيني أَلَماً
وَأنا أُعْطيكِ رَوْحًا وَهَنا..
***
قالتِ ٱلأمُّ وفي ٱلصَوْتِ أَنينْ
يا مَلاكي ٱلعَذْبَ لِمْ أَنْتَ حَزينْ
إنْ أَرادَ ٱللهُ نفسي فَلْنَقُلْ:
فَليَكُنْ ما شاءَ رَبُّ ٱلعالَمينْ
***
شَحَّ زَيْتُ ٱلعُمْرِ، قِنْديلي ٱنْطَفا
وَتُرابي مُتعَبٌ يرْجو الغَفا
في رَحيلي إخْوَتي صَلّوا مَعي
أَنْ يَكونَ ٱللهُ عَنْ ذَنْبي عَفا
***
دَقّتِ ٱلأَجْراسُ ميعادَ ٱلرَحيلْ
باتَ في ٱلدُنيا بَقائي مُسْتَحيلْ
كَنَزيلٍ كُنْتُ في وادي ٱلشَقا
فَدَعوني أَقْصِدُ ٱلبَيْتَ ٱلأَصيلْ..
***
يا إلٰهي ٱلحيّ، يا ربَّ ٱلفِداءْ
أَنْتَ نادَيْتَ فَلَبَّيْتُ ٱلنِداءْ
ها أَنا أَمْضي فَسْهِّلْ سَفَري
وَٱقْتَبِلْ نَفْسي، أَقِمْها في ٱلسَماءْ..
الأب يوحنّا جحا