ذبحتني ابتسامة الملكين من الوريد إلى الوريد، براءة مشرقة لم تعرف ما يحاك لها في جنح الظلام.. خفافيش مرعبة ووجوه كالحة اغتالت الورد والفراشات..
أيّ زلزال هذا ارتجت له كل معالمي وتهاوت؟ نحر الجمال مع سبق إصرار وترصد بدم بارد.. وكان لجسديّ الطاهرتين لغة أدمت الطير والحجر والشجر، وقد غرست بأنينها وألمها وصدى صراخها خناجر في أبعد نقطة بروح شمهروش والجبل وكل من يحمل ذرة إنسان.. وعرفت أن لأنين جسد الملائكة طنين زلزل سكون كل الأزمنة والأمكنة.. توقف الزمن هلوعا وغادر الربيع ألوانه وكل العصافير أعلنت الحداد.. طنين أنبت أشواكا لقنفذ مفزوع بسريري..
استحضرت كل أنواع العنف التي مورست على الضحيتين بدون رحمة ودون أن يرف لها جفن العصابة، ولمست كل الحالات النفسية المتعددة التي عايشتها بين فزع المباغتة والتهديد بالسلاح الأبيض والعزلة داخل مكان مهجور بعمق الأطلس.. فزعها وهي تواجه وحوشا مسعورة.. خوفها وهي تتجرع العذاب تحت التهديد، وهي تحت سيطرة الهواجس ترقب النهاية والموت، قد تكون لحظة أمل رأت فيه خلاص عذابها اللامنتهي.. شلال من دموع حارقة لم تخمد حمم غضبي وألمي.. أغمضت عيني لوهلة وتخيلت ابنتي مكانهما، انفجر نزيف داخلي بروحي، قفزت من هول المنظر وصرخت من ألم نفذ إلى مسام روحي، تغلغل وأعلن فوزه السحيق.
لا أرى القتلة الإرهابيين سوى بقايا من أشلاء وقاذورات ومخصيين، زمرة من الفاشلين الجهل، غذاؤهم التطرّف والكراهية ووهم الحور، معاذ الله أن يكونوا حيوانات فالحيوانات من أرحم الكائنات. هم بالتأكيد وحوش سريالية، حين اعترضوا سبيل الملكين كالحظ العاثر، وتكالبوا عليهما بكل جبن وحقارة، كائنات أقفلت على رجولتها وضمائرها المحنّطة داخل درج عميق من الدناءة ورمت بالمفتاح ماوراء إنسانيتها، انتهكوا كرامتهما، بعثروا أحلامهما واغتالوا الابتسامتين.
هي أكيد جريمة قتل للروح والأمن والجمال مع سبق إصرار وترصد، لم يروا بالضحيين سوى أجساد تستباح وتنتهك خصوصياتها وحرمتها، كائنات قذرة كريهة تفوح منها، رائحة احتراق لأدران فحولة متخيلة وتخلف، وتطرّف مخيف، مجرد أضغاث وفقعات من جهل وحقد هي حقيقتهم، وكل الأديان والأوطان منهم براء.
هل يتوقف نزيف الأطلس يوما وبقلبه خنجر ابتسامتين قد حفر عميقا أن هنا أريق دم الغزال ظلما وعدوانا؟؟ هل تتلتئم كل الجراح؟ وبدون شرخ تلتحم رجّته فيفرد ظهره المنكسر من جديد؟.. وما يزال شمهروش معتكفا بمغارته يبكي عطرا وفراشات غادرت الزهور.. يبكي ملائكة حطّت برحابه ونحرت على أعتابه غدرا ونذالة..
واهم من يظن أن الملائكة تموت.. وأن الجمال والحريّة يوءدان!
عزاؤنا واحد مع الشعب الدنماركي والنرويجي في مصابنا الجلل، جميعنا ضد الإرهاب وخفافيش الظلام..