مسرحية من مشهد واحد:
المكان: القنصلية السعودية بتركيا.
الزمان: 02 أكتوبر 2018م.
ثمة غرفة ومكتب مصقول وأوراق مبعثرة، بالإضافة إلى لوحة بيضاء تغطي الجدار بالكامل.. اللوحة منقطة بالدماء التي تبدو أحيانا وكأنها أثداء عملاقة وتحتها وجوه شيطانية تتلقف الدماء.. في القاع جثة جمال خاشقجي مغسلة بدمائها.
الإضاءة: تسطع وتخفت تبعا لحرارة الحوار.. الموسيقى المصاحبة: صوت منشار بإيقاع هادئ.
القنصل السعودي “لمستشاريه” الذين يتحلقون حول الجثة وهو يصلح عقاله: “كيف سنخفي هذه الجريمة؟ أين نذهب بالجثة؟ وهذه الدماء كيف نمحوها إلى الأبد؟
كبير المستشارين: بسيطة يا طويل العمر، لقد أخفينا ثلاثين مليون يمني عن أنظار العالم ولن نعجز عن إخفاء جثة خاشقجي!
القنصل “بعصبية”: وهو يفرك أصابع يديه: لا أدري لماذا تسرعنا في قتله.. ولا أدري ماذا سيكتب التاريخ عنا؟
المستشار 2: لا لا ياطويل العمر لم نتسرع أبدا.. هل تسرعنا حين ضربنا أعرق بلد في التاريخ؟ لم يقل أحد أننا تسرعنا.. ضربنا اليمن بكل أسلحة العالم ولم يحدث شيء مطلقا.
القنصل وقد وقعت عينيه بعيني الجثة الجاحظتين أرجوكم تخلصوا من هذه الجثة الغبية، لا أستطيع أن أنظر إلى عيني هذا الكلب وعينيه الجاحظتين.
المستشار 3: حقا يا طويل العمر، لا شيء مستفز في هذا المكان سوى جحوظ عيني هذه الجثة.
القنصل بنفاد صبر: أريد حلا ولا أريد فلسفة.
المستشار رقم 4: ولكن يا طويل العمر دعنا نتدبر الأمر، اذهب إلى قاعة الاجتماعات ونحن سنتولى كل شيء.
القنصل: لن أذهب ولن أهدأ مادامت هذه الجثة على وجه الأرض.. ألا تستطيعون أيها المعتوهون إيجاد حل لإخفائها؟
كبير المستشارين: أنا سآتي بما لم تستطعه الأوائل.
المستشار 5: أنقذنا يارجل، قل ما عندك.
كبير المستشارين: لقد ضاعت الفكرة آااا نسيت، طارت الفكرة.
القنصل: من يجد حلا سأعطيه جائزة كبيرة.. جائزة تقدر بملايين الدولارات.
كبير المستشارين: وجدتها إذاً.. المنشار هو الحل؟
المستشار 6: هل أنتم متأكدون أن هذه هي جثة خاشقجي؟
المستشار: يا غبي ألا ترى أنه هو.. انظر إلى عينيه المخيفتين؟
الغبي: يا طويل العمر، إذا ننقله على سيارة إسعاف.
القنصل: ألم أقل بأنك غبي؟
الغبي: لماذا؟
القنصل: هل تريدنا أن نقول للعالم أننا قتلنا خاشفجي.. ثم نحن نريد أن نخفي الجثة.
الغبي: ما رأيك يا طويل العمر أن نعلن عن مقتله ونقول بأنه داعشي.. جاء بحزام ناسف لتفجير القنصلية، ونقول للعالم أنه متعاون مع اليمن، وأنه نقل إحداثيات للعدو.
كبير المستشارين: أرجو الاستماع لما سأقوله: المنشار هو الحل..
القنصل: كيف؟
كبير المستشارين: لدينا العديد من الحقائب الدبلوماسية هنا، ولدينا منشار فقط، نستهدي بالله ونبدأ بتقطيع الجثة ثم نضعها في الحقائب ونقوم بإرسالها إلى الملك.
القنصل: ولكن من أين جئتم بالمنشار؟
المستشارون بصوت واحد: لدينا مناشير في كل القنصليات والسفارات.. ولدينا مناشير غير مرئية استخدمناها في تفتيت الأرض العربية والبشر فرادى وجماعات.
ظلام وصوت منشار بإيقاع مرتفع.