كان نزار يصر على أنه شاعر الحداثة، وكان يكتب الشعر العمودي والحر المبني على وحدة التفعيلة،
وكان النقاد يصرون على أنه ليس من شعراء الحداثة شكلا وفنا ومضمونا.
وفي كتاب (الضوء و اللعبة) ناقش شاكر النابلسي مسألة الحداثة في شعر قباني و أثبت أنه ليس حداثيا، ونظر إلى شعره الحر فوجده شبيها بالشعر العمودي، وانتهى إلى القول بأن نزارا شاعر تقليدي.
قلة هم الذين لم ينزعوا لباس الحداثة عن نزار ومنهم الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة الذي حلل قصيدة طوق الياسمين النزارية و قال: إنها قصيدة لشاعر حداثي، وبين أن القصيدة لا تعالج قصة بسيطة كما يبدو، فالقصيدة فيها (بؤرة)، والبؤرة هي طوق الياسمين الذي أهداه الشاعر لسيدة غربية وقع منها على الأرض فلم تكترث له. فطوق الياسمين هنا هو المشاعر في البيئة العربية القوية التي لا تهتم بالماديات ويترعرع الحب فيها أكثر من ترعرع المصالح.
الياسمين هو وطن الشاعر وحضارة الشاعر الخصبة المليئة بالقيم والعادات الحميدة. فعندما وقع طوق الياسمين ولم تأبه به هذه المرأة الغربية دل هذا على أن الماديات أثرت على الحضارة الغربية فجعلتها مشوهة، وهو ما قاله نزار في قصيدة له أرسلها إلى أمه:
(عرفت حضارة الإسمنت والخشب
عرفت حضارة التعب).
وهذا يدل على دقة عز الدين المناصرة الشاعر والناقد الحصيف، ويدل كذلك على أن نزارا أضاع قسطا وافرا من عمره وشعره في قصائد حب مكررة وقصائد سياسة تقريرية مبهرة، مما جعل النقاد يحجمون عن الغوص في تراثه الضخم لاكتشاف تجديده وابتكاره.