في نصرة غزة مذهبان؛ وقد اختار المغرب أن يكون مع فلسطين دون مقابل، وقدم الدعم المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني منذ زمان، ولم يطلب المغرب عوضا عن ذلك. في الوقت الذي استفادت أطراف عديدة من تبنيها للقضية الفلسطينية، أطراف دولية وسياسية، وكانت القضية هي العنصر الفاعل في لعب الأوراق الإقليمية، شرقا وغربا. وبينما كان المغرب يتبنى القضية الفلسطينية من أجل المبدأ ومازال كانت أطراف وما تزال تتبنى القضية لتحقيق أهداف سياسية محضة، ولو على حساب دماء الشعب الفلسطيني ومعاناته وصموده.
اليوم أكد المغرب أنه ليس دولة الكلام الفارغ، ودولة الشعارات الرنانة، والمساندة المحسوبة بالدقيقة والثانية والتي تدخل في أجندات كثيرة، بل أثبت أنه دولة الفعل على أرض الواقع، وذلك بما تتيحه ظروفه وإمكاناته وفي بعض الأحيان “يوثر المغرب على نفسه ولو كان به خصاصة”.
لقد أعطى الملك محمد السادس تعليماته لمعرفة حاجيات المواطن الفلسطيني بقطاع غزة من أجل تقديم دعم مستعجل يفي بالغرض في ظروف الحرب والعدوان المتزامن مع برودة الطقس. وقد اكتسب المغرب خبرات طويلة في مجال المساعدة الفورية والعاجلة في مجال التطبيب، وكان آخرها في هذه الأيام إقامة مستشفى ميداني عسكري بمدينة غزة، لمعالجة الجرحى والمصابين من أثر العدوان الإسرائيلي على المتظاهرين بالعودة الكبرى قرب السلك الفاصل بين فلسطين المحتلة ومدينة عزة. هناك الآلاف من الأهالي في غزة يتدفقون على المستشفى الميداني المغربي العسكري للعلاج .. وأخذ الدواء مجاناً …. والعديد من العائلات الفلسطينية من ذات الأصول المغربية قاموا بزيارة المستشفى الميداني المغربي العسكري، ووجهوا كلمة شكر وتقدير لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وللقائمين على المستشفى.
وليس بغريب على المغرب بأن يقدم الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني، فقد تَعوّد على أن يكون السباق للمبادرات العملية في كل ما يتعلق بفلسطين، ولا يوجد إجماع على قضية في المغرب أكثر من القضية الفلسطينية رغم الاختلاف حول الرؤية إليها، فالمغرب كان أول من دعا إلى عقد مؤتمر إسلامي سنة 1969 بعد إقدام الصهاينة على إحراق المسجد الأقصى، وقد كانت هذه الخطوة بداية لخطوات كبرى استطاعت حماية ما يمكن حمايته من المسجد الأقصى المبارك.
وجاءت مبادرات الملك الراحل الحسن الثاني تجاه فلسطين لتعلن ميلاد خط جديد في التعامل مع قضية العرب الأولى، وفي زمن الشعارات الرنانة والثورية تبنى المغرب خيار الواقعية الذي ستتبناه القيادات الثورية الفلسطينية فيما بعد وعلى رأسهم القائد الفذ ياسر عرفات، وساهم المغرب بجد في إيجاد حلول واقعية للقضية الفلسطينية.
وليس أقل من كل ذلك ترؤس المغرب ولسنوات طويلة للجنة القدس، ومساهمته بالغالي والنفيس في تمويل بيت مال القدس، بل تعتبر مساهمة المغاربة هي الأولى في العالم الإسلامي.
ومن منطلق النصرة الحقيقي فقد ساهم المغرب بالمال والبشر في النضال الفلسطيني، وشهداؤهم في كل شبر من أرض فلسطين وفي الشام ما زالت قبورهم شاهدة على ذلك.
المغرب وملوك المغرب والشعب المغربي العظيم هم أصحاب النصرة الحقيقية، ولا نقبل إنسان أن يزايد عليهم في موضوع القضية الفلسطينية.