كاتب من: الجزائر
بعد فيضان عاطفته ، فكّر في كتابة رواية عاطفية ، طويلة ، حزينة ، غارقة في الحزن.
اختار المكان المناسب ، والزمن الأنسب ، والكلمات الجارفة للقاسية قلوبهم ، والحارقة للزارعين بذورا في رماد أطلال الوهم والنسيان.
جمع شخصياتها ، من ذكر وأنثى ، الخيّرة و الشريرة ، الغنية و الفقيرة ، الصغيرة والكبيرة ، اجتمعوا كلهم في صعيد ورقة بيضاء يقودهم قلم أزرق ، يسنده أخر..إلا شخصية واحدة كانت عصية على أن تكون تحت قبضته، يسوقها كيف يشاء، يقلّبها على بساط الترف والشطط ..إنها شخصية الحمّال الذي لم يعجبه تقمص شخصية ذاك الرجل الثري، صاحب الكلمة التي لا ترد، الجبّار..!
لا يطيق فراق عربته الصغيرة ، يجرها كل صباح باكر، متجها نحو أصحاب الدكاكين الكبيرة ليكون مع رفقائه، منتظرا دوره ، داعيا أن يجد سيده سخيا، يدفع له دراهم معتبرة مقابل حمولة ثقيلة يأخذها إلى مكان بعيد.
فكر طويلا ثم عرض عليه أن يكون صاحب أعلى مكانة في الحياة كلها لكنه امتنع وقال له:
– دعني وعربتي ، تجرني وأجرها ، تدفعني وأدفعها ، من يبتسم لهؤلاء ؟ ..من يأكل رغيفي اليابس الذي لا ينغمس في زيت المترفين..؟!..عد إلى قلمك وورقتك..واكتب ما تشاء ..إلا اسمي..!
مزّق الورقة، وأخرج أخرى، وبدأ رواية جديدة تناسب عناده وكبرياءه ،.. فنص الحياة لا يمكن يكون محشوًا بالأكاذيب ..!